تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مظلة أميركية شمال سورية.. وجيل ثانٍ من النصرة

الثورة- Global Research
دراسات
الثلاثاء 4-9-2018
ترجمة ليندا سكوتي

إن الحرب بالوكالة التي افتعلتها واشنطن على سورية ليست في واقعها سوى تعبير عن رغبتها في نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في هذا البلد، إذ بدلاً من أن نشهد انسحاباً وفقاً للتصريح المعلن عنه سابقاً

نجد إدارة ترامب تتبنى مقاربة جديدة للحرب مرة أخرى، حيث أبدت رغبة ملحة في تعزيز وجودها العسكري في سورية من خلال إقدامها على تقديم المؤازرة والمساندة لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. وعلى الرغم من ذلك، علينا ألا ننسى انه وفقاً لميثاق الأمم المتحدة فإن حفظ السلام والأمن الدوليين يقع على مسؤولية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لذلك فإن كلاً من واشنطن ومن يدور في فلكها على شاكلة بريطانيا العظمى ليس لديهم الحرية لفعل ما يحلو لهم وانتهاك حقوق لاعب دولي آخر جراء ما يتخذونه من أفعال. إذ يعد مجلس الأمن الجهة المسؤولة التي تحدد مسار الأحداث كلما لاح في الافق تهديد للسلم والأمن الدوليين. وجراء بذل المحاولات اليائسة للضغط على مجلس الأمن بفرض منطقة حظر للطيران شمالي سورية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتزمون إثارة استفزازات كيماوية جديدة في محافظة إدلب للإلقاء باللائمة على دمشق مرة أخرى.‏

يرى المحلل اللبناني البارز نضال سابي بأن التهديدات التي تطلقها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد سورية هدفها التدخل المسلح في البلاد لذلك تسعى تلك الدول للاتكاء على عصا الكيماوي في إدلب لتسويغ ما تزمع القيام به من تدخلٍ. وقد رأى بأن مثل تلك الاستفزازات يجري الإعداد لها بالتواطؤ مع مجموعات إرهابية متعددة باتت تعرف حول العالم باسم الخوذ البيضاء.‏

وقد وصل خبراء أجانب إلى قرية كفر زيتا القريبة من محافظة إدلب لإعداد الهجوم الكيماوي. ووفقاً لمصادر مستقلة مطلعة في تلك المنطقة، فإن منظمة الخوذ البيضاء قد زودت المجموعة الإرهابية المعروفة باسم أحرار الشام في قرية آفس بشاحنتين مملوءتين بالذخائر الكيماوية. وهذه الحمولة المميتة جرى مرافقتها من قبل ثمانية ممثلين عن الخوذ البيضاء الذين استقبلهم أمراء الحرب حال وصولهم. وبعد ذلك، فإن نصف كمية هذه الذخائر القاتلة تم نقلها إلى موقع آخر من جنوب إدلب للقيام بهجوم مفتعل يتم تمثيله هناك. ويعتقد بأن هذه المواد السامة سيتم استخدامها في قرية كفر زيتا، حيث ستقوم بعدها مجموعة من السكان المحليين بتمثيل المعاناة من التسمم الكيماوي وستهرع منظمة الخوذ البيضاء لإنقاذهم ليصار تصوير ما يجري حيث يوزع الفيديو في جميع أرجاء الشرق الأوسط والعالم بأسره.‏

إن هذا الهجوم المفتعل سيكون بداية لهجوم ضد الشعب السوري حيث يُصعد أواره التحالف الذي ينضوي تحت القيادة الأميركية. ووفقاً لما ذكرته وسائل إعلامية فإن السفن الحربية الأميركية تستعد لإطلاق 56 صاروخ كروز ضد أهداف سورية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم دعم هذا الهجوم من قبل صواريخ بي 1 التي تنطلق من القاعدة الجوية الأميركية في قطر.‏

ليس ثمة جديد فيما تنهجه السياسة الخارجية الأميركية التي تنتقل من الاستفزاز إلى الهستيريا إلى الانتقام والتدخل في شؤون الدول. لكن ما يجري اتباعه حيال سورية يمثل احتضاراً للقانون الدولي والأمن العالمي، خاصة في ضوء ما دأبت عليه الإدارات الأميركية المتعاقبة من ضرب الصفح عن القانون الدولي. وما يجدر بالإشارة إليه، أن واشنطن لم تكتف باحتلال مواقع في أراض سورية بشكل غير قانوني بل إنها تزمع شن اعتداء على سورية ما يعرقل مساعيها وحلفاءها لمجابهة قوات الإرهاب الدولي، بيد أن ثمة اعتبارات لابدَّ من مراعاتها ذلك أنه لدى روسيا الفعالية في مجال الغارات الجوية ضد الميليشيات المتطرفة. لكن التصريح الأحادي الجانب بإقامة منطقة حظر للطيران، دون حصول واشنطن على موافقة مجلس الأمن الدولي لإنشائها، فإنه يعني إعلان الحرب ضد سورية وروسيا وتركيا وإيران. لكن القوات الجوية الروسية ستلجأ إلى المواجهة ولن تتخلى عن عمليات القصف التي تشكل مؤازرة ومساندة للهجوم السوري.‏

إن حدوث مثل تلك الاحتمالات قد يفضي إلى تداعيات يتعذر التكهن بنتائجها، كما يلاحظ بأن تساؤلات تطرح في أميركا حول جدوى هوس واشنطن بفكرة التدخل في الشأن السوري وهل يوجد ما يستحق المخاطرة التي تستعد لها إدارة ترامب وتتجاهل عواقبها؟‏

إن القادة الأميركيين الذي يعمدون إلى تدريب كافة الميليشيات المتطرفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتبادلون المزاح حول توليد «الجيل الثاني للنصرة» ، لكن التشاؤم والحيرة ستعتريهم عندما يتوصلوا إلى قناعة بأن تلك المهارات التي تم تدريب الجيل عليها ستنتقل ليتم اختبارها في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ذاتها.‏

* بقلم: مارتن بيرغر‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية