تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخطوط الحمراء

على الملأ
الثلاثاء 4-9-2018
معد عيسى

فقدنا الكثير من الخبرات الفنية والإدارية بتقارير كيدية نتيجة التسرع في اتخاذ القرار بناء على تقرير أولي تم اعداده على عجل من قبل أشخاص غير فنيين أو بناءً على تقارير رقابية أولية غير معتمدة،

هذه القرارات اتخذت بهدف الاصلاح الإداري ومحاربة الفساد، ولكن النتيجة خسارة خبرات وطنية مهمة كلفت الكثير.‏

ما سبق يُعبر عن خلل وغياب المنهجية في المعالجات ويعكس خللا في عمل الأجهزة الرقابية، إذ أن هناك حالات خلل صارخة تناولها الاعلام وشبكات التواصل، إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً، وإن تحرك انتهى كل شيء في التقارير الأولية، رغم وضوح المعطيات وضخامتها، في كلا الحالتين تجسيد وتكريس للفساد وتغييب لمشروع الاصلاح الاداري الذي لم نلمس أيّا من خطواته ونتائجه على الأرض.‏

المرحلة تقتضي العمل بدقة وحرص كبيرين بعيداً عن الشخصنة والانتقام والكيدية التي أضرت وخربت الكثير، فهناك أشخاص تميزوا في عملهم رغم تعرضهم للضغط والأذى ممن يعلوهم في المرتبة الوظيفية، ولكن مع وصولهم للمراتب الوظيفية العليا مارسوا أبشع مما كان يمارس بحقهم، وهذا انعكس بشكل كبير على أداء شركات ومؤسسات ووزارات، وهذا يعكس عدم قدرتنا على الخروج من أمراضنا الوظيفية والاجتماعية والمهنية.‏

لربما تبدو التقاليد المؤسساتية العريقة هي الضامن الفعال للأداء الجيد أن يستمر وللأداء السيء أن يتم تحييده، وهذا يتجسد في الاجراءات التي أثبتت فعاليتها عبر الزمن وفي الكيفية التي يتم من خلالها حفظ التجارب وعدم تكرار الأخطاء، ومن أجل هذا الهدف تم ابتكار تقاليد ثابتة مثل(الخط الأحمر) في مجلس العموم البريطاني، والذي كان نوابه في بداية تأسيسه وأثناء تطور خلافاتهم يعمدون إلى مغادرة مقاعدهم وإلى إشهار سيوفهم بوجه بعضهم البعض، ثم يصعب في لاحق الأمر تحديد البادئ بالعدوان، لذلك قاموا لاحقاً برسم خط أحمر أمام أقدام النواب، واقتضى تحديد المسؤلية بمراقبة كل من يتجاوز الخط الأحمر لتحميله المسؤولية.‏

إلى متى ستبقى الخبرات والمعارف والتجارب أسيرة عقول المسؤولين عن المؤسسة ثم تختفي بغيابهم ويضطر القادمون الجدد إلى البداية من الصفر مجدداً ...!!!‏

ولماذا لا تكون لهؤلاء الخبراء هيئات استشارية يتم الاستئناس برأيها عند المفاصل المهمة التي تمر بها المؤسسات على غرار المجلس الاستشاري لهيئات ومؤسسات عالمية !!! المؤلفة من خبراء ممن قضوا حياتهم المهنية في العمل؟‏

لا أحد يجيد تقييم عاملين في مؤسسة مثل أبنائها وهم أعلم من غيرهم بالخطوط الحمراء التي لا ينبغي لأحد تجاوزها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية