تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تناقضات القرار (1680)

شؤون سياسية
الخميس 25/5/2006
هاني الملاذي

نعلم كلنا أهمية وجود علاقات طبيعية وسليمة بين أي بلدين متجاورين خصوصاً عند الحديث عن قطرين شقيقين, يشتركان ويتقاسمان الخبز والماء والجبل والشجر!!

نعلم تماماً كما يعلم الأشقاء في لبنان ماذا يعني لبنان الموحد المتماسك العربي الهوية بالنسبة لسورية, التي شاء الزمن والتاريخ أن توسم على الدوام بقلب العروبة, وماذا يعني وجود سورية الجيوستراتيجي بإمكاناتها وموقعها سنداً وعوناً دائماً للبنان.‏

لكن كيف يمكن أن تكون نتائج هذه العلاقة وآليات تلك العلاقات الطبيعية, حين تكون آتية بأوامر وتوجيهات واشنطن وباريس?!‏

القرار 1680 كما جاء في نصه: (يشجع الحكومة السورية بقوة على الاستجابة لمطلب الحكومة اللبنانية الداعي, إلى ترسيم حدودها المشتركة, وإلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وتمثيل دبلوماسي, مع الإشارة إلى أن من شأن هذه الإجراءات أن تشكل خطوة مهمة نحو تأكيد سيادة لبنان وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي).‏

والسؤال لمتبني القرار أو المصفقين له: هل بات علينا أن نضيف ذات التعبير (نشجع) إلى ذات القرار -أقول فقط نشجع!- أن (نشجع) إسرائيل على مغادرة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وإيقاف الخروقات الجوية والأمنية المستمرة, بما يسهل عملية ترسيم الحدود و(تأكيد سيادة لبنان وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي)?‏

(جون بولتون).. وسيرته الذاتية والمهنية التي لم تعد خافية على أحد, لا أعرف ما الذي يمكن أن يضيفه هذا (المتصهين), من فوائد لمن يطلب (السيادة والاستقلال)?!.‏

التنفيذ في مكان, والتخطيط دائماً في مكان آخر, أما المؤازرة فتأتي من أزلام السياسة الجدد!!, ولبنان في جميع الأحوال يدفع الثمن!.‏

ثمة من يشير هنا إلى وجود سيناريوهين عند (المحاربين الجدد) عفواً المحافظين الجدد:‏

الأول ضرب إيران وبالتالي -ولاحقاً- إضعاف سورية, وأخيراً حماس وحزب الله وصولاً إلى إنهاء آخر نقاط الممانعة في المنطقة.‏

والثاني إقصاء وإضعاف حزب الله وحماس وبالتالي سورية وصولاً إلى إيران.‏

وفي كلا السيناريوهين ثمة قاسم مشترك, وطريق مشترك يمر من لبنان!‏

هل هكذا نرسم طريق الحرية لشعوبنا?‏

نسأل أيضاً من يدعي لنا للاستقلال والسيادة?‏

وللإجابة... نراجع جميع القرارات الدولية المتعلقة بالصراع العربي-الإسرائيلي, نقوم بإحصائية بسيطة عن تلك التي نقذت وتلك التي همشت, وتلك التي أوقفت قبل صدورها بفضل الفيتو الأميركي الوحيد دوماًََ!! ألم يكن تنفيذها كفيلاً بإخماد الكثير من التوترات وتوفير عشرات السنين من المعاناة واختناقات الحروب على شعوب المنطقة?.‏

يضيف القرار بأنه يأسف: (لعدم تطبيق مواد أخرى من القرار 1559 تطبيقاً كاملاً, و لا سيما حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها, وبسط سلطة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها, والاحترام التام لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي, وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة بموجب أحكام الدستور اللبناني, بعيداً عن أي تدخل أو نفوذ خارجيين).‏

وهنا لا نعلم كيف يطلب ويؤكد على نزع سلاح حزب الله -وهو سلاح دفاع عن لبنان- المتفق بأنه قضية داخلية تخضع للحوار الوطني اللبناني في ذات الوقت الذي ينادي فيه القرار بذات الفقرة ب (الاحترام التام لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي)?.. وكيف يفسر لنا متبنو القرار تصرفات ونشاطات سفيري واشنطن وباريس خارج نطاق عبارة (بعيداً عن أي نفوذ سياسي)?.‏

عشرات التناقضات حملها إلينا القرار المذكور.‏

تكفي البدعة الأهم والسابقة التاريخية الأوضح.. التدخل في صلب وآلية علاقات ثنائية بين بلدين مستقلين عضوين في المنظومة الدولية.‏

وهو ما ينتهك أساساً ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يجوز بمقتضاه لأي هيئة من هيئات المنظمة الدولية اتخاذ قرار يتعلق بالسيادة ويتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو رفع أي قضية أمام المنظمة تعتبر من الشؤون الداخلية لدولة ما. العنوان: (1680) 17/5/2006 مجلس الأمن.. الغايات المعلنة: أعلنت. الغايات غير المعلنة: تجدونها خلف السطور, داخل السطور, أمام السطور, تحت السطور, لا بل على السطور ذاتها!! التوقيع على القرار:X‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية