تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من نبض الحدث.. تعويم الإرهاب والفوضى.. أميركا تصارع لتكريس الهيمنة

صفحة اولى
الاحد 26-1-2020
كتب ناصر منذر

من البوابة السورية تحاول منظومة الإرهاب إضفاء المزيد من التعقيدات على المشهد الدولي، المتخم بأزمات حادة، تديرها مراكز القوى الغربية الاستعمارية،

اللاهثة وراء تكريس نفوذها على مناطق واسعة من العالم، وعلى اعتبار أن استقرار الوضع في سورية، وعودة تعافيها بالكامل، يهدد المشاريع الأميركية والصهيونية المعدة للمنطقة برمتها، لما تمثله سورية من مركز ثقل دولي كبير، مناهض للمخططات الأميركية والغربية المشبوهة، فإن منظومة العدوان توظف كل إمكاناتها العسكرية والسياسية، لإطالة أمد الأزمة فيها، ومحاصرتها بتلال من الإجراءات الاقتصادية القسرية، كعنصر داعم للتنظيمات الإرهابية، من خلال اتخاذ تلك الإجراءات وسيلة ضغط وابتزاز لمنع الجيش العربي السوري من استكمال مهمته الوطنية بتحرير ما تبقى من أراض تحت سيطرة الإرهابيين وداعميهم.‏

التصعيد الميداني من قبل إرهابيي «النصرة» ومن ينضوون تحت رايته التكفيرية، ضد مواقع الجيش بريف إدلب، والأحياء السكنية في حلب، فضلاً عن لجوء الإرهابيين إلى استخدام المدنيين دروعاً بشرية ومنعهم من الخروج عبر الممرات الإنسانية، لا يمكن فصله عن سياق الاستراتيجية الأميركية الجديدة الرامية لإبقاء تلك المناطق بؤرة دائمة للإرهابيين، تمهيداً لمحاولة تعويمهم كـ»معارضة معتدلة» يستكملون في وقت لاحق أجندات مشغليهم، بحال تمكّنت منظومة العدوان من فرضهم ضمن أي حل سياسي، وهذا الأمر بدا واضحاً من خلال رفض وفد مجموعة النظام التركي خلال جلسات اللجنة المصغرة المنبثقة عن الهيئة الموسعة للجنة مناقشة الدستور قبل نحو ثلاثة أشهر مناقشة جدول الأعمال الذي قدّمه الوفد الوطني تحت عنوان «ركائز وطنية تهم الشعب السوري» والمتعلق برفض الاحتلال بشكل مطلق وتجريم التعامل مع المحتل ومكافحة الإرهاب، وهذا الأمر لا بدّ من التذكير فيه مع الحديث عن مساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون العمل على تحديد موعد لاستئناف عمل اللجنة.‏

الأميركي يعمل بطاقته القصوى اليوم لإبقاء المنطقة ساحة ملتبهة تحترق بنيران الفوضى والإرهاب، كي يحافظ على وجوده الاحتلالي، بعدما بات معرضاً للمخاطر والتهديدات من قبل شعوب المنطقة التي تنتفض رفضاً للسياسات الأميركية القائمة على الإجرام، وإثارة الفتن، والمسيرة المليونية في العراق نموذجاً، وهو - أي الأميركي- بات يستعجل أكثر تنفيذ مشاريعه الاستعمارية عبر استغلال حالة الفوضى الراهنة، وما يسمى «صفقة القرن» نموذج آخر، وتوقيت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرب طرح تفاصيل خطة «المؤامرة»، يعود فضلاً عن محاولة هروبه من أزماته الداخلية المتمثلة بإجراءات العزل، إلى استشعاره والكيان الصهيوني إلى قرب هزيمة كل مشاريعه، في ظل الرفض الشعبي المتصاعد للوجود الأميركي، ولسياسات واشنطن المبنية على العنجهية والغطرسة المفرطة.‏

حالة التصعيد الأميركي لم تقتصر على المنطقة وحدها، وإنما تتعدى معظم الساحات الدولية، وانتهاج سياسة العمل على قلب أنظمة الحكم الشرعية، كما في دول أميركا اللاتيتية، إضافة إلى إشهار سيف العقوبات الاقتصادية، والحرب التجارية التي لم تستثن حتى حلفاء أميركا، وما تخلّفه من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي بأسره، كلها تشير إلى أن الولايات المتحدة، تصارع اليوم من أجل البقاء، ولعل الدعوة الروسية للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لعقد جلسة استثنائية تبحث التحديات العالمية، وإمكانية حشد الجهود لإيجاد حلول سريعة تمنع حدوث أي كوارث بحق البشرية، تمثل إشارة واضحة لمدى خطورة التهديد الذي تمثله السياسات الأميركية على أمن واستقرار شعوب العالم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية