تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ذكريات في الفن...اللهجة المحكية

فنون
الثلاثاء 25/4/2006
عادل أبو شنب

صار عمر الفنان الكبير (تيسير السعدي) 89 سنة, مد الله في عمره. وهو صديقي, ونجتمع في مقهى (الروضة) مرتين في الاسبوع على الأقل.

هو محدث بارع, ولديه من الذكريات ما يملأ الوقت, إن رواها. وغالباً ما يرويها لي ذاكرا اسماء شخصيات أدبية وفنية وصحافية ذهبت, لكنها لن تنسى.‏

ومن بعض ما حدثني عنه, قبل أيام, اللغة التي نستعملها الآن في التلفزيون, وخاصة في تمثيلياته ومسلسلاته, قال: هذه اللغة لم تكن مستخدمة في أوائل عهد الفن في البلد.‏

كان عبد اللطيف فتحي يظهر على المسرح بشخصية مصرية ولسان مصري, ومثله كثيرون, لكنني عملت على استخدام العامية الشامية في الفن الأدائي, حيث صارت لغتنا, هذه الأيام, لغة الفن.‏

قلت له: لكن اللهجة المصرية لا تزال هي اللغة الفنية الأولى.‏

أجاب معترضا: كانت, أما الآن فإن لغتنا الشامية المحكية هي اللغة التي صار لها حضور في قنوات التلفزيون.‏

كان تيسير السعدي مولعا بالمسرح, وقد ذهب الى مصر ليتعلمه هناك, وتعرف على الشخصيات الشامية التي كانت متواجدة في مصر, من أمثال آسيا, المنتجة الكبيرة, رحمها الله, وبديعة مصابني الفنانة التي كانت ملء الأسماع, وقد عمل معهما, وصار له أصدقاء في مصر, نصحوه عندما أكمل دراسته الفنية أن يعود إلى بلاد الشام ليؤسس للفن, أو ليساعد في تأسيسه, بعد أن بهت بريقه بذهاب أبي خليل القباني, وكان من بين من نصحوه محمد عبد القدوس والد احسان عبد القدوس, وزوج الصحافية المشهورة السورية الأصل, روز اليوسف, صاحبة مجلة (روز اليوسف) التي لا تزال تصدر إلى الآن, فلبى وعاد, وأراد أن يدخل اللهجة المحكية في صلب الفن الشامي.‏

وكان قد نبغ محام لامع اسمه عبد الهادي الدركزللي, رحمه الله, فشجعه تيسير على الكتابة باللهجة المحلية. يقول تيسير: خطر لي أن أرسم شخصيات من الواقع المحلي الدمشقي إن شئت, فأوحيت له فإن يكتب لأبي فهمي وأم كامل, وغيرها من الشخصيات, فكتب لهؤلاء باللهجة المحكية.‏

ممن استوحى تيسير هذه الشخصيات?.‏

يقول: استوحيتها من تمثيليات مسرح ..كراكوز وعيواظ.. التي كنت قد رأيتها في مطلع حياتي.‏

إن فضل حضور اللهجة المحكية في التلفزيون ومسلسلاته وتمثيلياته يعود لتيسير السعدي وامثاله الذين تبنوا هذه اللهجة, وظلوا وراءها حتى صارت لغة فنية الى جانب اللغة المصرية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية