تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وتضيق الدائرة على رامسفيلد!

شؤون سياسية
الثلاثاء 25/4/2006
أحمد برغل

يوماً بعد يوم تتزايد الانتقادات لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في الأوساط العسكرية الأميركية

بعد أن قام عدد من الجنرالات المتقاعدين بدعوته إلى الاستقالة آخذين عليه الأخطاء العسكرية ا لتي ارتكبت في العراق وممارسة ديكتاتورية غير مسبوقة متهمين إياه بالغطرسة والتعجرف الذي لا يطاق.‏

ويرى عدد من كبار الضباط في الجيش الأميركي, أن اتساع دائرة مطالبة رامسفيلد بالاستقالة من قبل بعض الجنرالات المتقاعدين يعتبر خطوة غير مسبوقة من المحتمل أن تشكل تحدياً لقيادة رامسفيلد.‏

ويذكر أن خمسة جنرالات متقاعدين على الأقل هم: الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية الأميركية غريغوري نيوبولد, والميجر جنرال المتقاعد من الجيش بول ايتون, والجنرال أنتوني زيني من مشاة البحرية الأميركية والجنرال المتقاعد دون باتيست الذي خدم في العراق وأخيراً تشارلز سواناك الذي كان قائداً للفرقة 82 المحمولة جواً في العراق حتى عام ,2004 كانوا قد صعدوا حملتهم على وزير الدفاع واتهمه بعضهم بأنه متغطرس, سخر الحرب على العراق لدواع شخصية انطلاقاً من رؤيته الخاصة إلى العالم.‏

واتخذ الجنرال جون باتيست الذي كان قائداً لفرقة المدفعية في العراق قراراً برفض الترقية والعودة إلى بلاده لأنه لم يعد يحتمل العمل بامرة رامسفيلد(الذي فشل في إدارة الحرب).‏

وأخطر ما في هذه الانتقادات أنها تطول الرئيس جورج بوش نفسه الذي اضطر يوم الرابع عشر من نيسان 2006 إلى اصدار بيان يدافع فيه عن رامسفيلد , مشيداً بقيادته الفعالة والمتزنة قائلاً:(هي بالضبط ما نحتاجه في هذه الفترة الحرجة... إنه يتمتع بكامل تأييدي وخالص تقديري ).‏

لم يكن المدافع الوحيد عن رامسفيلد, بل سبقه إلى ذلك,رئىس هيئة الأركان الجنرال بيتربيس, الذي دافع عن رامسفيلد, مؤكداً أنه لا يتم إسكات العسكريين الذين يعبرون عن آراء مختلفة.‏

وقال بيس في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع(إن الرجل الواقف إلى يساري خدم هذا البلد بطريقة استثنائية).‏

كذلك دافع الضابط المتقاعد مايكل ديلونغ عن رامسفيلد واصفاً إياه بأنه(رئيس مجلس إدارة شركة خاصة تعمل بطريقة فعالة).‏

وهنا يجب ألا يغيب عن البال أن رامسفيلد ظل طوال السنوات السابقة محل انتقادات وهجوم سياسي, إلا أن أهمية الانتقادات الأخيرة تكمن في أنها صادرة عن جنرالات شاركوا في غزو واحتلال العراق تحت قيادة رامسفيلد بوصفه وزيراً للدفاع.‏

وتضمنت الانتقادات التي وجهت إلى رامسفيلد, مؤشرات إلى أن الشعور بالقلق إزاء قيادته لوزارة الدفاع أزاح جانباً تكتم الجنرالات المتقاعدين والضباط السابقين, الذين شاركوا في حرب العراق لينتقدوا مشروعاً شاركوا فيه.‏

ومع أن هذه الدعوات والانتقادات لوزير الدفاع من قبل الجنرالات لم تكن الوحيدة, فقد سبقتهم إلى ذلك دعوات لإقالته صادرة عن قيادات الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء, باعتباره المسؤول الأول عن كل ما حدث في العراق من كوارث ونزيف مستمر, إلا أن دعوة الجنرالات المتقاعدين بإقالة دونالد رامسفيلد من منصبه هي الأشد والأخطر بالنسبة إلى مستقبله السياسي.‏

وأهمية هذه الدعوة تكمن في أن أي ضرر يمكن أن يلحق به لا بد أن يصيب بوش نظراً إلى التقارب الأيديولوجي والشخصي بين الرجلين اللذين يتحملان مسؤولية خطة الحرب الفاشلة في العراق.‏

يقول المحلل في معهد (بروكينغز) مايكل أوهانلون: إن بوش (شريك في المسؤولية عن الحرب, وإذا أبعد رامسفيلد الآن يحكم على نفسه بالفشل).‏

ويؤكد خبير في شؤون الدفاع من معهد(ليكزينتن) الأميركي أن النقمة على دونالد رامسفيلد لا تقتصر على الجنرالات بل هي شعور منتشر جداً في صفوف الجيش بسبب أسلوبه في القيادة.‏

وكان الجنرال المتقاعد بول ايتون الذي كان مكلفاً تدريب الجيش العراقي بين 2003 و2004 قال في آذار الماضي (إن على رامسفيلد الانسحاب ) وأضاف في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز(أن وزير الدفاع الأميركي أظهر قلة كفاءة من الناحية الاستراتيجية والعملانية والتكتيكية) وهو مسؤول أكثر من أي شخص عن المصاعب التي تواجهها الولايات المتحدة في العراق.‏

واعتبر الجنرال انطوني زيني الذي يحظى باحترام واسع في الجيش الأميركي, أنه تم ارتكاب (سلسلة من الأخطاء الكارثية) في العراق.‏

أما الجنرال غريغ نيوبولد, الذي كان مدير العمليات ضمن هيئة أركان الجيوش الأميركية, فدعا العسكريين الذين لا يزالون يخدمون في الجيش إلى التعبير علناً عن اعتراضاتهم.‏

كذلك هاجم جنرال متقاعد آخر هو برنارد تراينور وزير الدفاع في كتاب ألفه مع المراسل العسكري لصحيفة نيويورك تايمز, مايكل غوردن, وجاء في الكتاب الذي يحمل عنوان (كوبرا2) القصة الحقيقية لغزو واحتلال العراق أن رامسفيلد والجنرال تومي فرانكس اللذين قادا غزو العراق(وضعا سيناريوهات متفائلة تبين أنها مخطئة تماماً).‏

ورغم فشل خطة رامسفيلد العسكرية في العراق وزيادة أعداد القتلى في صفوف الجيش الأميركي نتيجة عدم استماعه لنصائح قادته العسكريين فإن وثيقة(مراجعة استراتيجية الدفاع) التي يقدمها وزير الدفاع الأميركي كل أربعة أعوام, وصدرت نهاية شهر شباط الماضي, تمسكت بنفس الأفكار الداعية إلى تكثيف الاستعانة بالتكنولوجيا والقوات الخاصة عالية التدريب على حساب القوات التقليدية, وكل ذلك وفقاً لإيتون وخبراء عسكريين أميركيين آخرين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية