|
البقعة الساخنة وإذا كانت النوايا الأميركية بالمساعدة كافية لنشوة السنيورة , ومن يقف خلفه , فإنها كانت أكثر من مقنعة لإثارة مخاوف قطاعات واسعة من اللبنانيين الذين سبق لهم أن خبروا النوايا الأميركية تلك , وهي في كل الظروف والمعطيات لم تكن سوى مقدمة لفصول أخرى من المأساة اللبنانية . وهذا ما بدا واضحا في الانعكاسات المحتملة التي تهدد بنسف طاولة الحوار , ولا سيما أن الكثير من القضايا التي كانت ستناقش في الثامن والعشرين من الشهر الجاري قد حاول السنيورة الإيحاء بحسمها أميركيا ,لتكون الطاولة مجرد محطة إمضاء على تلك النوايا التي لم تتردد في اعتبار نزع سلاح المقاومة الأولوية المطلقة على سائر النقاط الأخرى , وهو ما برز في أكثر من توضيح لأبعاد تلك النوايا أميركيا وإسرائيليا . وحتى لا يكون الموقف مجرد رؤية مسبقة لترجمة تلك النوايا , فإن التجربة التي تختزنها الذاكرة اللبنانية تشير بوضوح إلى أن ما أقدم عليه السنيورة قد أفقده الكثير من الرصيد السياسي الذي كان يملكه , خصوصا حين يضع نفسه طرفا في معادلة تحاول أن تضع لبنان في الصف الأخر , وفي الجهة المقابلة لتاريخه القريب منه والبعيد . والأخطر أن أي مقارنة بين النية الأميركية وبين واقع السياسة التي تقودها تجعل الرهان على تلك النوايا ضربا من المقامرة التي لا تقتصر في أبعادها على تجليات الفوضى التي تقودها فحسب , بل أيضا تمتد لتشمل تجليات الرغبة في أن يكون لبنان الممر الآخر للتغطية على فشل المشروع الأميركي . فالجميع سمع الكلام الأميركي الواضح عن النموذج اللبناني الذي حل مكان النموذج العراقي باعتبار ان الأخير لم يعد يصلح للتسويق , ولا للمقارنة , والجميع يدرك الكثير من دلالات هذا التبدل في الموقف الأميركي وفي طرح الكثير من النماذج البديلة , والأهم يعرفون أيضا ماذا يعني ذلك التغني إلى حد الوباء . ومع ذلك هناك من يتوهم أن الاستقواء بالعصا الاميركية ضد فريق لبناني سيغير من معطيات المعادلة , أو أن الحفاوة التي استقبل بها السنيورة في واشنطن لم تصل الرسالة التي تقف خلفها , وقد كانت واضحة للعيان لا لبس فيها ولا غموض , أو أن انتزاع النية لا يعني فيما يعنيه أن يتحول لبنان إلى ورقة ابتزاز سيدفع ثمنها اللبنانيون جميعا , كما يدفعها غيرهم اليوم . من هنا كانت مخاوف اللبنانيين من تلك النية الأميركية التي حملها السنيورة أو انتزعها لا فرق, مشروعة, وتشكل الحلقة الأخطر في سلسلة التداعيات التي تحفل بها الساحة اللبنانية . |
|