تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا تفرح كثيراً أنك مهندس ?!

ثمَّ إنَّ
الثلاثاء 25/4/2006
أسعد عبود

ليس بودي أن أقيم حالة فصل بين واقع المهندسين والواقع العام للبطالة في سورية.. فالحقيقة أن بطالة المهندسين هي جزء من البطالة العامة, وهي ليست أبدا بجديدة..

ذلك أن كون الدولة كانت تقوم بتعيين جميع خريجي كليات الهندسة بغض النظر عن الحاجة لهم, لا يعني أنها كانت تؤمن لهم فرص عمل, بل كانت توظفهم وتقدم لهم راتبا, ولا تقدم لهم فرصة العمل. وهذا بصراحة أساء كثيرا لسياسة التشغيل (إن كانت موجودة) وأساء لقراءة أوضاع أسواق العمل وأساء كثيرا للتعليم الهندسي في سورية.‏

فلو كان عمل المهندس يخضع للحاجة لاختصاصه, لطورت الكليات الجامعية التعليم الهندسي بما يستجيب لحاجة سوق العمل كما يقولون.. والذي حصل أن كليات الهندسة حافظت على تخريج دفعات من مهندسين جاهزين لجداول التوزيع من رئاسة مجلس الوزراء إلى الوزارات ومؤسسات الدولة بغض النظر عن الحاجة وفرصة العمل.‏

لقد أدى ذلك إلى نزوع أعداد كبيرة من الطلبة المتفوقين نسبيا في سورية, من العلم والتعلم والبحث عن الحديث والمتطور والجديد واتجاه النظر إلى ما يناسب العقل والفكر الشخصي والإمكانات الفردية, إلى اتجاه النظر إلى قوائم الحكومة ودبر رأسك في أي موقع جغرافي أو في أي شركة أو مؤسسة تريد أن تكون . طبعا أنا لا أعني بذلك بالمطلق أنه ليس لدينا المهندس المتعلم القادر الكفؤ علميا ومهنيا.. بل أعني أنني أدفع بجيوش خريجي الثانويات العامة إلى كليات الهندسة ومن ثم إلى فرصة الوظيفة البعيدة عن فرصة العمل..‏

ولننتبه هنا.. أنه بإتاحة فرصة وظيفة لمهندس يقوم خلالها بعمل يمكن أن يقوم به حقوقي أو خريج اقتصاد أو حتى حامل ثانوية أو سائق.. نحن بذلك نحبط سياسة توليد فرص العمل.. فعندما يعمل المهندس كمهندس أولا بأخذ فرصة ثانيا فإن فرصة عمل المهندس تتيح على جوانبها لفرص عمل أخرى لغيره.. فالمهندس يعمل في التخطيط أو الإنجاز لشيء مادي غالبا لا يقوم بتنفيذه لوحده.. أبدا.. فمعه يعمل رسام هندسي.. وبنّاء.. ومساعد ميكانيكي.. وفني كهرباءووو..الخ.‏

كل مؤيدات المنطق تؤكد أن عملية الاستيعاب الكامل والالتزام المبدأي للدولة بتعيين كل المهندسين لم يمثل سياسة صحيحة .. وكان لا بد من الخروج من المأزق..‏

لكن..‏

برأيي أن الشكل الذي تغسل فيه الدولة يدها من مسألة الالتزام بتعيين المهندسين هو شكل غير سليم فمنذ البداية قلنا وقد ذكرت ذلك في مقالي السابق حول الموضوع أنه كان يفضل عندما قررت الدولة التخلي عن الالتزام بتعيين المهندسين, أن تلتزم بالذين كانوا في حينه على مقاعد الدراسة ولمدة خمس سنوات , كي لا يشعر أي منهم بالخدعة.‏

لكن الحكومة لجأت إلى التعيين حسب الحاجة كما قالت وحسب معدلات التخرج .. وأرجو أن يكون ذلك صحيحا.. لكن الإشكاليات التي تثار حول توزيع المهندسين كل عام تؤكد أن ثمة إشكالا.‏

وقد ضربت مثالا أو أمثلة في مقالي السابق عن إجراءات للدولة.. تؤكد أن غايتها دفع المهندس للاستنكاف عن تعيينه.. وهذا لا يجوز أبدا..‏

ما الحل.?‏

الحل.. بيد أمن التعليم الهندسي..‏

الطريق طويل.. بعيد.. أعلم..‏

لكن ذاك هو الحل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية