تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستـحـقـاق السـيـادي وفـشل الـغـرب المـتـصهــين

دراسات
الثلاثاء 28-8 -2018
بقلم د: فايز عز الدين

شهد النظام الدولي أزمات حادة جعلتْ الوجود البشري على الكوكب في وضعيةِ شفير الهاوية منذ أزمة الكاريبي في أوائل ستينيات القرن الماضي، إلى حروب أميركا ما وراء البحار،

إلى أزمة برلين في غُرّة الثمانينات من القرن ذاته، إلى أميركا وغزو العراق عربدة من خارج قرارات مجلس الأمن، إلى ما أطلق عليه الربيع العربي والثورات المزعومة.‏

وفي كل حدث كان المجتمع الدولي يستمع من أميركا إلى المسوغات التي تستدعي شنّ الحرب، ومن ثم بعد زمن ليس بالمديد يُصغي المجتمع الدولي إلى تصريحات من قادة الأميركان ذوي التماس بالحدث نفسه بأن القرائن التي بُني عليها قرار الحرب ليست واقعية، ولم يكن للحرب أيّ مستدعى مما اجتهدت الإدارة الأميركية على تضليل الرأي العالم فيه. ونتذكر الكذبة على العراق وامتلاكه أسلحة الدمار الشامل كيف كشفها الذي قاد الجيوش، وسَخِرَ المجتمع الدولي مما كان قد تمّ نشره، وتعويمه حتى يتم به تضليل الرأي العام الدولي، وتتويه مجلس الأمن والشرعية الدولية بصورة كاملة.‏

وآخر المطاف في الدّجل الأمروصهيوني هو الحرب على سورية حيث تمّ تصويرها بأنها حرب داخلية، وهي خارجية. وحرب أهلية، وهي إرهابية على الوطن والشعب.‏

وحرب طائفية وهي وهابية تكفيرية، صمّمها الغرب المتصهين لكي يُعيد التشكيل الجيوسياسي للشرق الأوسط كما يطلقون عليه خدمة لإسرائيل التلمودية التي تتعهدها أميركا بالإنشاء والقيام، وبدون تفكيك الدول المحيطة بإسرائيل، وإنهاء نهج المقاومة فيها، وقطع الصلة بينها وبين أي حليف إقليمي أو دولي لن يتمّ تأمين المشروع الصهيوني، ولا التمكين له.‏

وبعد وصول الدولة السورية التي يعاضدها جيشها، وشعبها إلى تحرير 96% من تراب الوطن من دنس الإرهاب تَطْلَعُ علينا دول الغرب المتصهينة ببيان جديد يشير إلى أنها أي: أميركا، وبريطانيا، وفرنسا لن تقبل باستخدام الجيش العربي السوري للأسلحة الكيميائية في معركة إدلب القادمة، أو ما افتتح من بواكرها الجيش وحلفاؤه، والقوى الرديفة. ومن الواضح عبر المعركة الوطنية ضد الإرهاب التي يخوضها جيشنا أن الكثير من الدجل الأمروصهيوني قد افتضح في مسألة الإرهاب، فها هي أميركا ترعى، وترسم الخطط، وترسل الإرهابيين إلى سورية وقد استخدمت إسرائيل، وتركيا أردوغان، والأردن، والسعودية ومعظم دول الخليج لهذا الغرض.‏

وخلال السنوات السبع ونيف على الحرب الإرهابية على بلدنا وقفنا عند الكثير من الذرائع الأميركية بأن أميركا تقود تحالفاً دولياً ضد الإرهاب، ومع هذا كلما تقدّم جيشنا على جبهة، وهزم الإرهابيين، وسحقهم تفبرك أميركا، ومعها الغرب المتصهين قصة استخدامٍ قام بها الجيش للسلاح الكيميائي، وكلنا يذكر أضاليل الخوذ البيضاء، وكيف أن أميركا كانت تأخذ منهم الحجّة حتى تساند الإرهابيين، وتمكنهم من الهجوم على مواقع الجيش بعد أن يكون الطيران الأمروصهيوني قد قام بقصفها، وما صار حقيقة في ذهن المجتمع الدولي هو أن النصر الذي ينجزه الجيش وحلفاؤه ليس مرغوباً، ولا مطلوباً في مخططات الغرب المتصهين مع أدواته في ممالك الرمال، ومشيخاتها، وأردوغان، وعليه فكلما تقدم الجيش على جبهة أعلن الغرب عن شروعٍ باستخدام الكيميائي لكي يعطي الفرصة للإرهابيين حتى يستخدموهُ ويتّهم الجيش السوري مباشرة والميديا الدولية جاهزة للمزيد من الكذب والتضليل. واليوم والجيش يتقدم إلى إدلب -المعركة الأخيرة ضد الوجود الإرهابي- تصدّر أميركا، وبريطانيا، وفرنسا البيان الذي يتعرض لنية الجيش باستخدام الكيمياوي لكي توضع العراقيل بوجه قوات الجيش المتقدمة، ولكي تحضّر الأحابيل التي تعوق هذا التقدم، ولكي تتواصل عملية حماية الإرهابيين الذين تتّخذ منهم أميركا حجّة للبقاء دون أية شرعية على الأرض السورية.‏

وقد صار بحكم المفضوح لدى المجتمع الدولي أن أميركا بوجودها في التنف وفي مناطق شرق الفرات، وغربه ليس لخدمة الحرب على الإرهاب، بل لخدمة الإرهاب نفسه المستخدم من قبلها.‏

وكنّا قد سمعنا أن أميركا تريد إعمار ما هدمته الحرب في سورية، وقد اختارت أن تعمّر في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة الإرهاب، وكذلك تساعد أميركا الإرهابيين على أن تبقى آبار البترول بأيديهم، ولا تفضل إعادتها إلى الدولة، والجيش السوري.‏

وكم مارست الضغوط على (قسد، ومسد) حتى لا يتفاوضان مع الدولة بخصوص الحل الوطني السليم الذي يضعهم في مناطق تواجدهم تحت راية الدولة، والعلم السوري، ووحدة الأرض والشعب.‏

ورغم اكتشاف الدجل الأميركي، ورعايته للإرهاب يُعلن ترامب عن تعيين مستشار خاص بشؤون التسوية في سورية، وفي الوقت ذاته يعلن وزير خارجيته (بومبيو) أنه قد اتفق مع المبعوث الدولي دي مستورا على معارضة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى مناطقهم لكون أميركا تريد المماطلة بالحل السياسي حتى تتشكل وقائع على الأرض تفرض من خلالها ما عجزت عن تحقيقه في الميدان. والمعروف أن أميركا تبحث -بكل السبل- عن أدوار تسوّغ لها وجودها الاحتلالي وقد استنكر الموقف الروسي مراراً على لسان الرئيس بوتين، ولسان وزير خارجيته لافروف الاحتلال الأميركي، والأوروبي، والتركي لبعض المناطق السورية طالما أنه غير مشرعن بالتفاهم، والتوافق مع الدولة السورية والهدف أن يقدم الخدمة للذين سمّاهم معارضات، وجعل لهم أهميات، وهم لا يمتلكون في الداخل السوري أي مقدار من قوة الوجود الاجتماعي، والسياسي على الأرض السورية.‏

ومن الطبيعي أن لا يكون لهؤلاء أي وزن طالما أنهم قد اعتمدوا على ما سيحصّله لهم الإرهاب، فحين ينهزم الإرهاب لن يستطيعوا أن يفرضوا الوزن الدولي السياسي لهم حتى تتعهدهم الأمم، وتؤمّن لهم الحل الذي وعدوهم به بعد إنجاز تفكيك الدولة، وتفجير المجتمع. واليوم والجيش يتقدم نحو إدلب نجد أن أردوغان يَعِدُ الإرهابيين بوقف تقدم الجيش، ويماطل فيما تمّ الاتفاق عليه في لقاء سوتشي الأخير، ويقوم بتهريب قيادات النصرة إلى داخل الأرض التركية حتى يحميهم، ويعيد تدوير الزوايا بهم إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، أو يجعلهم أرصدة يُرضي بهم الأميركان.‏

ومع كل الجهود التضليلية التي تمارسها أميركا في المنطقة العربية وإصرارها على إعادة تشكيل الساحة السياسية بما يتوافق ومخططات الصهيونية وكيانها العنصري نرى أن الأعراب يستقبلون بولتون، ويأتمرون بأوامره لتمرير صفقة القرن، وها هو ترامب يخطب في جماهير أميركية ويُعلن أن القدس ستكون خارج أي تفاوض، وليس للفلسطينيين إلا ما يعطيه إياهم ولا حق لهم مغتصب، ولا قرار عودة، وقانون القومية الذي أقرّه الكنيست جعل من إسرائيل كياناً للأبارتهايد على حدّ تصريح نعوم تشومسكي الكاتب الأميركي للصحافة الأميركية مؤخراً، ولم يكن كيان العدوان قادراً على تصدير هذا القانون لولا أن الأعراب الذين يحضّرون للناتو العربي قد أصبحوا خدماً عند الصهاينة، وليس لهم من هويتهم العربية ما يحفظ قطرة واحدة في ماء الوجه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية