تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الغرب..وإعادة إنتاج المشروع الإرهابي من جديد

دراسات
الثلاثاء 28-8 -2018
بقلم د: أحمد الحاج علي

لن يغير الغرب بشقيه الأميركي والأوروبي طبعه وطبيعته ومن المؤسف أن الشعور بالذات المتضخمة وهذا الانجذاب نحو الهيمنة على شعوب الأرض ونهب ثرواتها،

ذلك كله توطد وتجذر في أعماق الغرب وصار لا يجيد الحياة بدون عدوان على الآخرين ولا يعرف كيف يبني داخله بعيداً عن المدى العالمي في الهيمنة ولو على بعد آلاف الكيلومترات.‏

ويبدو أن هذه النزعة الغربية هي أساس الحضارة عندهم وهي منطلق الفكر والثقافة لديهم ويتجلى هذا الثبات على العدوان في أمرين متكاملين، في الأمر الأول هذا الافتعال المستدام على مساحة الكرة الأرضية لعدو مفترض ولمخاطر يدعون بأنها تهدد أمن العالم وأمن هذه الدول الغربية القومي وهكذا صارت القاعدة الراسخة تقوم على الأمر الثاني والذي يؤكد بأن مساحات العالم جغرافياً هي مجرد مستودعات وخزانات للثروة التي لابد أن ترحل طوعاً أو كرهاً إلى الغرب في بناء وجوده المادي ورفاهية أبنائه وتطوير مراكز البحث العلمي وتعميم حالة الرفاه المتنامي بناءً على مصادر الثروة العالمية وتطبيقات هذا البعد في النظرة إلى شعوب الأرض على أنها كميات بشرية لا تصلح إلا لنزيف الاستهلاك أو لخدمة المشاريع الحضارية المادية الغربية.‏

وهنا تكمن أسس البناء الغربي فلسفياً وحينما يحدث أي تمرد أو انزياح على الأقل عن المشروع لديهم تظهر مباشرة النزعة الاستعمارية عسكرياً والمغلفة بمصطلحات كالانتداب والأحلاف والمعاهدات المركزية وتبعية الإرادة والمصالح للغرب في سياق واحد والذي يحدث في مسار هذه المنهجية الغربية والتي تقوم سياسياً وموقفياً على قاعدة الولاء المطلق للكيان الصهيوني والعداء المطلق للعرب و قضايا العرب وطموحات العرب.‏

أقول إن التعديلات التي تحدث في المنهج الغربي تصدر عن بعدين حالة النمو في الوعي وفي الصحوة على بناء الذات عند الشعوب وهذه لابد من استغراقها وقطع خط سيرها وتحويلها مباشرة إلى صراعات ذاتية أو ثنائية والعودة على الدوام إلى نقطة البداية في التخريب الذي يفضي مباشرة إلى الاستسلام للمشروع الغربي، كما يخضع التعديل المضاف في المنهج الغربي إلى درجة توضع العلامات في كل دولة من دول الغرب من الداخل وفي التطور الكمي والنوعي للنسق الصناعي ولاسيما الجزئي منه والذي يتطلب بالضرورة إدخال عوامل مضافة وقوة فائضة في المشروع الغربي تحت تأثيرات هذا التطور التكنولوجي والأداة العسكرية التي لابد أن تؤسس لها في مناطق العالم وأقاليمه المختلفة.‏

هذا هو الإطار العام من حيث الانطلاق من المكونات الراسخة للغرب وكذلك من حالة الرصد التاريخي والعملياتي الذي استغرقت ثلاثة قرون قبل الآن وامتد بكل خبرته العاتية إلى أن دخل مع القرن الحادي والعشرين دخولاً بنيوياً هذه المرة بالاعتماد على افتعال وتصنيع قوى داخل أقطار العالم هي التي تنجز العبء الأكبر من مهام تدمير أسس النمو أو التقدم في هذه الأقطار.‏

لقد علمت التجربة التاريخية الغرب بأنه قادر على أن يخلق من داخل كل بلد عربي أو عالمي تياراً خادعاً في الوعي وجيشاً من الإرهاب وجنوحاً نحو هوس المذابح والاقتتال وتحريض النزعات الطائفية والاثنية المهلكة وبالمحصلة تقسيم البلدان إلى كيانات مفرغة وتابعة لا تجد مصدراً لاستمرار الأنظمة الفاسدة فيها سوى بهذا الارتماء المطلق عبر الإنسان والثروة في الحضن الغربي الذي يظهر على أنه دافئ من السطح ثم تنكشف الحقائق فإذا هو سام وقاتل يجيد فعل التآمر والإبادة بلا تردد، ثم لا يغادر أية بؤرة إلا وقد حولها إلى أجداث وأشلاء ونزعات مستحكمة وبقامات هجينة ولاسيما من خلال التركيز على عاملي الجذر الاثني والطوفان الديني الإسلامي.‏

وهنا نعود إلى الفكرة الأولى والتي تؤكد أن الغرب امتلك العدوان على أنه طبع وطبيعة ومن هنا نحاول أن نمتد بهذه الفكرة إلى مسار الصراع في سورية وعليها كما يحدث الآن، وهناك عاملان بنيويان أنجزتهما سورية وهما تحقيق عامل الأداء الوطني المتكامل والمتنامي وكذلك انجاز التلازم ما بين المسارين العسكري والسياسي بجدارة وعلى خط خبرة نامية ومتنامية هي التي أسهمت في ردع العدوان الإرهابي ومن وراءه والرد عليه فيما بعد كما هو حاصل في هذه الأيام.‏

إن هذا المدى الوطني السوري غير مألوف في المنهج الغربي وغير محتمل في مستوى النتائج التي آل إليها أو التداعيات التي سوف يبنى عليها في اتجاهات ومداميك الحياة الوطنية والقومية السيدة والكريمة والمتفاعلة مع الإنسان وتضامن البشرية والذي يحدث الآن هو هذا الانتقال الغربي إلى المقطع الثاني من دور الغرب مع الإرهاب عبر مشروع تدمير سورية، لقد جاءت لحظة خفيفة وعابرة اعتقد الكثيرون بمن فيهم في الداخل السوري ولربما في بنية النظام السياسي السوري ان الحال قد استقر على مشاهد الانتصارات الحاصلة والعميقة في سورية، والغرب يمهد على الدوام للمقطع العدواني الثاني بالتظاهر على أنه استسلم للأمر الواقع وكل ما يريده في هذه اللحظة هو أن لا تتطور مسيرة التحولات في سورية إلى درجة دفع تداعياتها وموجات تأثيرها على الوطن العربي المنكوب وعلى الإقليم والعالم بأسره، ثم يأتي الموقف الغربي بحقائقه كي يتجلى الآن وأساسه العمل العسكري والأدوات العسكرية وهذا ما نراه اليوم من خلال تحريك القطع الأميركية الإستراتيجية إلى الخليج العربي، ومن ثم تسللها إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط والتهديد بمخزونها من الصواريخ المجنحة والعمل بموجب الملف الاستعماري القديم بريطانيا وفرنسا وأميركا وهذا ما يتم التمهيد له في اللقاءات والبيانات الثلاثية الاستعمارية سواء في فبركات السلاح الكيميائي أو في التوجه المباشر لتوجيه الضربات العسكرية لسورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية