|
هآرتس ومعرفة من المذنب؟ ومن يجب أن يتحمل التبعة آنذاك؟ كما هي الحال الآن. كان هنالك قبل كل شيء فشل استخباري فضلاً على أن الجيش كان شديد الثقة بنفسه كما هو عليه الوضع اليوم وعلى يقين من أننا سنقضي عليهم كما قال رئيس الاركان ديفيد أليعازر في مقالته المشهورة في اليوم الثاني للهجوم المصري - السوري «سنكسر عظامهم». كيف اعتقد نتنياهو وباراك أن تظهر عملية الجيش ضد السفن المحملة بالمساعدات الإنسانية في نظر العالم؟ ربما كان الأمر في واقع الأمر كالتالي: عملية تستعمل بها القوة العسكرية. سفينة تقترب، يتم عليها الإنزال العسكري يقتل عدد من ركابها ويتم الاستيلاء عليها بالقوة وجرها إلى ميناء أسدود، كما يفعل القراصنة. بعد حرب تشرين، زعم وزير الدفاع آنذاك، مثل وزير الدفاع اليوم، أن عمله يقتصر على تقديم «نصائح وزارية»، أما رئيس الأركان فهو الذي يدبر الحرب. لكن مما لاشك فيه الآن أن المسؤولين عن هذه القضية المخزية هما باراك ونتنياهو في الأساس. خطط الاثنان معاً للاستقبال العنيف للأسطول الإنساني والآن يلقيان بالمسؤولية على رئيس الأركان. فلماذا لم يبق في وكره أثناء الاستيلاء على السفينة التركية «مرمرة»؟ ولماذا كان قائد سلاح البحرية قريباً من السفينة في البحر؟ يزعم محاربون قدماء أن رئيس الأركان مع أجهزة البحث والتعقب الحاسوبية المتقدمة الموجودة اليوم يستطيع حسم الأمر وهو يجلس على صخرة في شاطئ البحر أيضاً. يذكرنا تقاذف التهم والبحث عن كباش فداء اليوم، بالأيام التي تلت حرب تشرين. كان نتنياهو في كندا عندما استولت الوحدة البحرية على سفينة «مرمرة» في عرض البحر في ظروف محرجة ومخزية رغم معرفتهم تماماً بعدم وجود مسلحين على متنها... ولما كانت مبادرة الاستيلاء على السفينة كلها منا، فليس واضحاً لماذا أصدر باراك الأمر قبل لقاء بيبي لأوباما ببضع ساعات فقط؟ على أي حال، من الواضح أن النجمين أجازا العملية بتفاصيلها معاً، وأن المسؤولية كلها تقع على عاتقها. لو كنا حقاً في دولة سليمة لوجدنا دعوات عديدة لهما بالاستقالة وعدم مزاولة العمل السياسي. في الدول المتقدمة هناك تعبير «مسؤولية» لكن الجهاز السياسي هنا لا يعترف مطلقاً بها. وتدور حالياً في الأروقة السياسية خلافات عديدة حول أي نوع من لجان التحقيق يجب أن تشكل، على نحو يشبه الوضع الذي كان بعد حرب تشرين، لكن الفرق هو أنه استعمل وقتها ضغطاً عاماً قوياً لإنشاء لجنة تحقيق تسعى لكشف الأسباب الحقيقية للفشل، المفاجأة العسكرية وعدم الاستعداد لها. ولكون اللجنة لم تعالج مسؤولية المستوى السياسي، جرت ثورة عامة ومظاهرات أفضت إلى استقالة غولدا مائير وموشيه دايان من الحكومة. وكان هناك فرق صغير بين ما وقع آنذاك وما حدث اليوم. فالسادات من جهة، ونيكسون - كسينجر وبيغن من جهة ثانية جعلوا من الحرب على مسار التسوية سلمية. الآن نجد رئيساً أميركياً غير ودود، وأوروبا معادية تخاف سيطرة اسلامية عليها. هذه المرة نستطيع القول: إن «العالم كله ضدنا» من غير أن يقولوا: إننا مصابون بمرض الخوف من المطاردة. إن الحصار الذي فرضناه على غزة لا يراه العالم عادلاً ومفيداً ويصورنا على أننا «دولة» بلا قلب تقتل وتجوع الأطفال، وتجبر أهل غزة على العيش حياة بدائية وتمنع عنهم الغذاء والدواء ومواد البناء. أظهرنا (كدولة) بلا عقل، قال أبو مازن للرئيس أوباما: إن موضوع الدولتين للشعبين أخذ بالتلاشي، وهذا قول يشبه وضع مسدس مليء بالرصاص على المائدة قبل محادثات التقارب. إن من لا يريد لجنة غولدستون أخرى، ومن يخاف من لجنة تحقيق دولية، اضطر أخيراً إلى الاستسلام والرضوخ والموافقة على لجنة تقص بمشاركة مراقبين أجانب، وبرغم أن صفتها لا تبدو ضارة، من المهم أن ينظر باراك ونتنياهو جيداً في تقرير اغرانات الذي لم يتطرق إلى غولدا وديان لكنه أفضى إلى عزل كليهما عن الحكم. انتصرنا في معركة الاسطول لكننا خسرنا الحرب لأن الحصار على غزة قد انتهى. بقلم: يوئيل ماركوس |
|