تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... اللعبة الجديدة.. تخفيف الحصار مقابل الإفلات من التحقيق الدولي

ترجمة
الأحد 20-6-2010م
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

بعد أسبوعين من حالة الإرباك والفوضى السياسية التي عاشتها حكومة نتنياهو في أعقاب الهجوم على أسطول الحرية وما نتج عن ذلك من ردود محلية وإقليمية ودولية غاضبة،

وازدياد الدعوات في العالم لمحاسبة حكام إسرائيل وتحميلها مسؤولية الهجوم على أسطول الحرية وتشكيل لجنة دولية تحقق في الهجوم، صادقت الحكومة المذكورة على تشكيل ما أسمته لجنة فحص لأحداث سفن الحرية ، في خطوة وصفها معظم المحللين الإسرائيليين بأنها محاولة الالتفاف على المواقف والمطالب بإجراء تحقيق دولي في الهجوم الإسرائيلي في المياه الدولية من جهة، ومساع إسرائيلية لمقايضة تخفيف الحصار على غزة مقابل الإفلات من المحكمة الدولية من الجهة الأخرى، وذلك على ضوء الأصوات الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية التي تطالب بتخفيف الحصار وكان آخرها وزير اتصالات إسرائيل كاتس الذي طالب بالتخلي نهائياً عن غزة معترفاً أن الحصار على غزة، لم ينجح وأنه سبب خسائر سياسية كبيرة لإسرائيل.‏

ويذكر أن اللجنة الوزارية المصغرة السباعية قد أجلت البت في تشكيل هذه اللجنة مرتين، ومرد ذلك إلى وجود خلافات مع الإدارة الأميركية بشأن تركيبة اللجنة. وكان الموقف الأميركي الأخير في شأن لجنة التحقيق قد صدر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي، الذي قال: إن مشاركة دولية في التحقيق سيكون عنصراً أساسياً لوضع هذه المأساة وراءنا. وأضاف: إن هذه المشاركة ستكون أيضاً مهمة من أجل الصدقية التي نتمناها. وتابع: إن واشنطن تناقش مع إسرائيل وغيرها طبيعة مشاركة دولية في التحقيق.‏

قلق من لجان التحقيق والفحص‏

وبحسب أليكس فيشمان في يديعوت أحرنوت فإن «إسرائيل» التي كانت -ولا تزال- قلقة من لجان التحقيق والفحص، الداخلية والدولية، أخفقت في الانتباه الى التلميحات الثخينة التي أطلقت نحوها من واشنطن بعد الرحلة البحرية بيومين. ففي الثاني من حزيران أبلغت جهات في الإدارة الأميركية صحيفة نيويورك تايمز أن الحصار على غزة غير قابل للبقاء، لهذا ينوون العمل مع «إسرائيل» كي تسمح بإدخال سلع أخرى. وفي الرابع من حزيران صدر عن البيت الأبيض تصريح رسمي يقول: إن الترتيبات الحالية (للحصار) ليست قابلة للبقاء.‏

من جانبه صرّح نتنياهو عقب التصديق على تشكيل اللجنة أن مبدأين مركزيين يوجّهاننا في الاقتراح لتأليف اللجنة التي نطرحها اليوم. المبدأ الأول هو الحفاظ على حرية عمل جنود الجيش الإسرائيلي وصدقيّة جهاز التحقيقات العسكرية. والاعتبار المركزي الثاني الذي واجّهنا هو توفير رد صادق ومقنع للدول المسؤولة في المجتمع الدولي بشأن الأحداث وخصوصاً في سياق القانون الدولي.وأضاف نتنياهو: إني مقتنع بأن كشف الحقائق بواسطة اللجنة سيثبت أن أهداف وأنشطة «إسرائيل» والجيش الإسرائيلي كانت عمليات دفاعية جديرة، ووفقاً للمعايير الدولية العالية جداً.وخلص نتنياهو: إني أقدر أن قرار الحكومة اليوم بإنشاء اللجنة العامة المستقلة سيوضح للعالم أجمع بأن إسرائيل تعمل بموجب القانون وبشفافية ومسؤولية كاملة.‏

فاللجنة التي أقرت تشكيلها حكومة نتنياهو تضم في عضويتها القاضي المتقاعد يعقوب تيركل رئيساً وعضوية كل من البروفيسور شبتاي روزين والجنرال المتقاعد عاموس حوريف. وأضافت ما يشبه ديكوراً للجنة لإلهاء المجتمع الدولي بتعيين كل من اللورد الإيرلندي الشمالي دافيد ترمبل والجنرال الكندي كين ويتكن كمراقبين في اللجنة.‏

لجنة عديمة الصلاحية‏

وبحسب ما أعلنه مكتب نتنياهو عن اللجنة فإنها لا تمتلك أي صلاحيات على صعيد استدعاء الجنود الذين قاموا بالهجوم على أسطول الحرية أو الجهة التي أعطت الأوامر، سياسية كانت أم عسكرية فهي لجنة مخصية بحسب القانون الإسرائيلي نفسه كما وصفتها هآرتس الى جانب رفضها من جانب القوى المحايدة أو المناهضة «لإسرائيل» وفي مقدمتها الأمم المتحدة و تركيا ولا يلزم جميع المعنيين بالتعامل معها وتعتبر نوعاً من المحكمة المختصة التي تصدر أحكاماً ولو على شكل توصيات. فهي، أي اللجنة، ليست أكثر من لجنة خبراء تقدم مشورة أكاديمية، وهي لجنة لا يمكنها، بموجب القانون، إلزام أحد بالمثول أمامها أو تقديم وثائق أو شهادات لها بحسب معاريف.‏

كما أن اللجنة مقيدة بشكل كبير في جانبين يتعلقان «بإسرائيل» وبمنظمي القافلة وشخصياتهم. و حصرت مهمتها في البحث في مدى قانونية الحصار المفروض على قطاع غزة وأسبابه الأمنية من ناحية، وقانونية فرض هذا الحصار بمنع القافلة البحرية من الوصول لشواطئ القطاع. أما التفويض الواسع فهو يتعلق ببحث كيف انتظمت القافلة ومن هم المبادرون لها وطبيعة نزعاتهم بما يظهر أن الهدف هو إثبات أن الجيش الإسرائيلي تعرض في عرض البحر لـكمين إرهابي.‏

وحسب بيان مكتب نتنياهو: تكلف الحكومة الإسرائيلية اللجنة التدقيق في النشاطات التي نفذها منظمو أسطول الحرية والمشاركون وهوياتهم، إضافة إلى ذلك ستدقق في جوانب متعلقة بالحرب على غزة مطلع العام الماضي وتقرير غولدستون أوفي ما إذا كان نظام التدقيق والتحقيق في شكاوى وادعاءات بشأن خرق قوانين الحرب المتبعة في إسرائيل عموماً.‏

وبحسب يديعوت أحرونوت، لن تتمكن اللجنة من أن تستدعي إليها ضباطاً وجنوداً من الجيش الإسرائيلي، ومن يمثل الجيش أمامها (باستثناء رئيس الأركان) هو فقط رئيس فريق الفحص العسكري، اللواء احتياط غيورا ايلاند. وستكون جلسات اللجنة علنية أو مغلقة بناءً على قراراتها. وفي ختام عملها سترفع الى رئيس الحكومة استنتاجاتها، وفور ذلك تنشرها على الجمهور. والتقرير الذي سيضعونه لن يتضمن استنتاجات شخصية.‏

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية لهآرتس: إن التقديرات تشير إلى أن الإدارة الأميركية ستوافق على المبدأ الذي تطرحه إسرائيل ويقضي بأن تستمع اللجنة إلى شهادات يدلي بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي، وربما وزراء آخرون أعضاء في السباعية، لكن لن يتم التحقيق مع الجنود الذين شاركوا في الاعتداء.‏

من جهتها وصفت يديعوت أحرنوت في مقال لها تحت عنوان «لجنة عديمة الأسنان» اللجنة بأنها عديمة الصلاحية وقالت: إن صلاحيتها محصورة فقط باستدعاء شهود، بينهم: رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الأركان ولقاء مع رئيس فريق الفحص العسكري اللواء احتياط غيورا ايلند وإلزام الشهود بالمثول أمامها وطلب وثائق ومعطيات من الهيئات الحكومية المختلفة التوصية باستنتاجات شخصية (الا اذا بعثت مسبقاً كتب تحذير)اتخاذ القرار فيما اذا كانت مداولاتها ستكون مغلقة أم علنية حتى لو نشرت استنتاجات شخصية، فلن يكون لها مفعول ملزم والتحقيق في مواضيع لم ينص عليها كتاب التعيين الذي أقرته الحكومة و نقل معلومات في حوزتها إلى سلطات فرض القانون.‏

المقايضة على تخفيف الحصار‏

تحليلات الصحف الإسرائيلية أجمعت على أن الهجوم على أسطول الحرية وما تركه هذا الهجوم من تداعيات إقليمية ودولية قد فتح الطريق أمام كسر الحصار على غزة، وأن الحصار الإسرائيلي بات في نظر المجتمع الدولي أكبر جريمة ترتكب بحق شعب كامل، فأقصى ما تسعى إليه إسرائيل في هذه المرحلة هو المقايضة على تخفيف الحصار مع الإبقاء على شروط إسرائيلية لاستمرار فرضه في مقابل الحيلولة دون تشكيل لجنة تحقيق دولية، فتحت عنوان «الطوفان الذي كسر الحصار» كتب أليكس فيشمان في يديعوت احرنوت: الأمر يبدو مثل نكتة سيئة: إذ يجب على إسرائيل أن تدفع في كل شهر حوالي ثلاثة ملايين شيكل إلى جهات مختلفة لصيانة سفن الأسطول التركي التي ترسو في موانئ إسرائيلية وتحافظ عليها. وبهذا نكون قد أكلنا السمكة الفاسدة وطردونا من المدينة أيضاً. وهذا شيء صغير هامشي فقط مما أحدثه الانفجار التركي هنا. وعلينا أن نعترف بأن الأتراك نجحوا في إحداث هزة أرضية تغير بعض قواعد اللعب في المنطقة. ومثلاً ينبغي أن نبدأ التعود على فكرة أن الحصار على غزة في صيغته الحالية يوشك على الانتهاء.‏

وأضاف فيشمان: أتى هنا رئيس حكومة بريطانيا السابق توني بلير، فهموا في إسرائيل ما الذي رمى اليه الأميركيون. أصبحت التصريحات عن إنهاء الحصار خطة، وتلقى بلير من الرباعية سلطة تحقيقها. تقوم الخطة الآن على ثلاثة مبادئ: المبدأ الأول: إحداث تغيير جوهري في القائمة الإسرائيلية للمواد والمنتوجات التي يسمح بإدخالها إلى قطاع غزة. وتحاول صيغة الرباعية إظهار التذاكي: لن نحدد المنتوجات المسموح إدخالها، كما يظهر في القائمة الإسرائيلية، بل سنذكر فقط المنتوجات المحظور إدخالها. وبهذا يكون كل ما لا يظهر في قائمة الحظر القصيرة مسموحا.‏

والمبدأ الثاني: من أجل التسهيل على إسرائيل الموافقة على السلع التي قد يكون لها استعمال في احتياجات مدنية واحتياجات عسكرية، كالحديد ومواد البناء والأنابيب، تقترح الرباعية إنشاء جهاز رقابة دولي. وستكون إسرائيل شريكة في الرقابة لكن لن تكون وحدها. السلع التي تأتي من البحر ستفتش في ميناء أسدود ويجري عليها تفتيش إسرائيلي ودولي (ميناء أسدود أحد الخيارات فقط. توجد خيارات أخرى مثل العريش).‏

والمبدأ الثالث يتناول بنية المعابر البرية الى قطاع غزة. وبحسب خطة الرباعية ستفتح إسرائيل من جديد المعابر الى القطاع، مثل معبر كارني، لكنها ستستعمل بحسب نظام يشبه ما كان سائداً في معبر رفح فهناك رقابة دولية، أما إسرائيل فبوسعها المراقبة من بعيد. وبحسب خطة الرباعية ستظل إسرائيل صاحبة السيادة في معبر كارني، لكن سيعمل إلى جانبها مراقبون دوليون ومراقبون من السلطة الفلسطينية.‏

علينا أن نقدم الجواب الأفضل‏

وكتب إيلي بردنشتاين في معاريف يقول: إن اللجنة المقترحة يفترض أن تقدم جواباً على المطالب والاحتياجات في الساحة الدولية. الجواب هو ثمن المراقبين الدوليين وهو ثمن معقول في ضوء تهديد لجنة تحقيق دولية، كما شرح يعلون. ومع ذلك، فقد قال الوزير: إن اللجنة لا تكفي. علينا أن نعرف كيف نقدم جواباً أفضل حتى على تهديدات الأساطيل الأخرى، وكذا نحسن عملية اتخاذ القرارات في أحداث أخرى يتعين علينا أن نتصدى لها.‏

من جهته يرى ايتمار ايختر في يديعوت احرنوت أن إسرائيل باتت تخشى مطلب الأمم المتحدة، لن تتنازل عن لجنة دولية..:في إسرائيل يخشون من أن لجنة تيركل لن ترضي الأسرة الدولية ويستعدون لإمكانية أن تشكل الأمم المتحدة بالتوازي لجنة أخرى، على نمط لجنة غولدستون.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية