تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عندما يذيع الصغار أسرار البيوت..!

مجتمع
الأحد 20-6-2010م
محمود شيخ عيسى

لا نريد في بداية مداعبة القلم للورقة تصوير البيوت ككهوف تستوطن فيها الظلمة منذ زمن بعيد ولانريد أن نقول عنها إنها تشبه القصر الضخم الذي يضم مئة غرفة، يسمح لنزيله باقتحام تسع وتسعين غرفة فيه ما عدا غرفة واحدة يسميها صاحب القصر(غرفةالأسرار).

لانريد أن نفعل ذلك لأن الهدف الذي نريد الوصول إليه يبتعد عنّا شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح حلماً عزيز المنال، لكن في الوقت نفسه لا نقبل أن يكون البيت حدائق عامة يستطيع أي كان من كان أن يمضي فيها الوقت الذي يشاء، ولا يحق لأحد أن يزعجه بالسؤال: ماذا تفعل هنا؟‏

لنتفق قبل كل شيء على نقطة جوهرية تكون محطة الالتقاء مع القراء الكرام والاتفاق معهم على الوصول إلى حد التفاهم ،هذه النقطة تنطلق من حقيقة نسلم بها جميعاً وهي أن لكل بيت خصوصيته وأسراره وشجونه وشؤونه.‏

ما يجري داخل البيت من نقاش بين الزوج وزوجته، أو بين الأم وابنها أو ابنتها، أو بين الأب والأولاد ليس أسراراً غاية في السرية مختومة بالحبر الأخضرأو الأصفر، لكن لا يوجد سبب مقنع لطيران هذه المداولات والمشاورات التي تصنع في البيت وتنشأ مترعرعة فيه، لايوجد سبب مقنع لتحليقها هناوهناك، بمعنى أن( الغسيل) بصرف النظر عن كونه نظيفاً أو غير نظيف يجب أن ينشر داخل البيت، وحدود نشره صارمةجداً وإلى أبعد الحدود.‏

غير أن الذي نتصور ضرورة وجوده على أرض الواقع فعلاً قد يكون موجوداً نظرياً فقط، أما التجربة العملية فتنفي وجوده نفياً تاماً.‏

ما يحدث أن( إذاعة)أطفال البيت التي تبث على مدارالساعة وعلى جميع الموجات،تتلقف هذه الأخبار ولأسرار ساخنة بعد خروجها من الفرن، وتذهب بها إلى الوسط الخارجي لتبريدهاوهي في الحقيقة تسخنها على درجة الإحراق،‏

ويبدو أن بعض الزوار الكرام يعرفون كيفية استخراج الخبرمن فم الصغير ويتقنون هذا الفن، وهو في الأحوال كلها ليس فناً مكتنفاً بالصعاب، فتراهم يستغلون انشغال أهل البيت بالقيام بواجب الضيف والضيافة ،ويخضعون الطفل لاستجواب طوعي أو قسري يخرج معه الخمير والفطير، ولا يبقى سرا من الأسرار طي الكتمان.‏

يعود الضيوف بعد انتهاء الزيارة إلى البيت، ولا شعورياً تمتد يد الزوجةأو الزوج إلى جهاز الهاتف، وتبدأ كلمات العتاب بالانصباب على منزل الأسرة التي كانوا في ضيافتهاقبل قليل.‏

ويخرج العتاب عن مساره المحدد له خط سير، ويصبح لوماً فتقريعاً ثم اتهاماً صريحاً مباشراً،وعندما يحرج المتهم من يتهمهم إذا استفسروا عن مصدر المعلومات أجابهم خذوا( أسراركم من صغاركم).‏

وقد ينجم عن ذلك نتائج سيئة لعل أقلها سوءاً تعرض الطفل لعقاب قد يكون قاسياً بعض الشيء،والتهمة إفشاء سر من أسرار البيت أمام زائرغريب.‏

لا نريد جعل الصغار يعيشون في جومن التكتم والبوليسية،لكن حبذا لو علمناهم ضرورة عدم إخراج ما في الفم من أخبار ومعلومات أمام كل طالب حصول على هذه المعلومات.‏

وحبذا لو راعى الزوار آداب الزيارة فأعفوا الصغارمن البوح بأشياء لايعرفون أن البوح بها خطأ غيرمستساغ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية