تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حصـــــاد الــــورق

فضاءات ثقافية
الأحد 20-6-2010م
يمن سليمان عباس

الرواية النسوية ظاهرة حديثة

في حوار نشرته المجلة العربية العدد 402 مع الناقد العراقي عبد الله ابراهيم حول موسوعته السرد العربي يوجه إليه محاوره سؤالاً مفاده: هل هناك فرق بين الرواية النسائية والرواية النسوية؟ فيقول:‏

في موسوعة السرد وضعت تفريقاً دقيقاً بينهما، فرواية النساء هي التي تكتبها المرأة عن الشؤون العامة كالقضايا الوطنية أو الاجتماعية أو السياسية، وهذا معروف في الرواية العربية منذ القرن التاسع عشر حيث بدأت المرأة تنخرط في صلب الحياة الاجتماعية، وتقوم بالكتابة ضمن الشؤون العامة أما الرواية النسوية فهي ظاهرة حديثة العهد لم يمض عليها إلا نحو عقدين، وتقوم على فرضية اقتراح هوية خاصة ومتميزة للأنثى، فلا تعنى بالشأن العام إنما تقترح هوية أنثوية وتحاول أن تميز هذه الهوية بمواجهة هوية الذكر وتقوم على ثلاثة أركان أساسية اشتققتها من تحليل عدد كبير من الروايات النسوية وهي:‏

أولاً: الاحتفاء بالجسد الأنثوي كميزة أنثوية فتجد وصفاً شاملاً للجسد ورغباته.‏

الجسد الأنثوي هو الموضوع المركزي في الرواية النسوية بديلاً عن الرؤية الذكورية له، فهي تقترح رؤية مختلفة عن الرؤية السائدة التي انتجها الرجل والمقوم الثالث من مقومات الرواية النسوية هو نقد النظام الأبوي الذكوري حتى الديني وهو نسق اجتماعي ضاغط كبير اختزل المرأة وهمشها، أبرزت الرواية النسوية تذمراً من النظام الأبوي وارتسم للرجال فيها صور قيمة المرأة ككائن إنساني، هذه الركائز الثلاث إذا ما توافرت في رواية أو توافر بعضها فيمكن أن تدرج ضمن الرواية النسوية.‏

البطل في العصر الحديث‏

أما السؤال الثاني فكان عن الأسباب التي أدت إلى لجوء الروائي إلى طرح الرواية التاريخية وعودتها.‏

يجيب الناقد ابراهيم: هذه ظاهرة لافتة للانتباه فقد بدأت الرواية العربية في القرن التاسع عشر أصلاً بداية تاريخية والمثال الذي يضرب دائماً هو جرجي زيدان، ثم بدايات نجيب محفوظ ثم ظهور روائيين آخرين في هذا المجال وبظهور المجتمع المدني في منتصف القرن العشرين توارت هذه الرواية إلى الخلف، وظهرت الرواية الاجتماعية والسياسية لكنه منذ نحو عقد أو أكثر لوحظ ازدهار كبير للرواية التاريخية، وتحتاج هذه الظاهرة إلى تفسير فكثير من الكتاب غيروا اهتماماتهم، وبدؤوا يكتبون عن الرواية التاريخية ووراء ذلك أسباب فربما تكون محاولة إحياء نماذج كبرى يقع استلامها من أجل أن تعرض كأمثلة دالة أمام مجتمعات تفككت أواصرها الاجتماعية والتقليدية ولم يعد لها مثال أعلى، وربما هي الحيرة والتشتت وعدم إمكانية تحقيق هوية ثقافية فيستعين الكاتب بالتاريخ ليعرض أمثلة مناظرة حيث كان للهوية معنى ودور وقيمة، وربما يتصل ذلك بالحاجة إلى تقديم البطل التاريخي الذي ينتمي إلى مجتمعه، فالمجتمعات المعاصرة محكومة بالأنانية والطمع والخذلان ولم تعد للبطل مركزية في العالم الحديث وذلك بالضد من المجتمعات القديمة حيث للشخصية التاريخية قيمة كالفارس والنبي والقديس والولي والملك والامبراطور، تلك الشخصيات كانت تتصل وتلتحم بمجتمعاتها وتحمل همومها ولهذا يسمي هيغل تلك المجتمعات بالمجتمعات البطولية أما الآن فلا يوجد بطولة، والبطل هو المختلس أو السمسار ولم يعد البطل حاملاً للقيمة الاجتماعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية