|
فضاءات ثقافية حيث تبدأ الأسئلة وتضيع قيمة العمل لصالح الاسم وليس النص. حوارات كثيرة مع كاتبات «متهمات» حسب رؤية المجتمع طبعاً بأن أعمالهن ما هي إلا جزء من سيرتهن الشخصية, خاصة إذا مس هذا العمل إحدى قواعد الثالوث المقدس, وكأن هذه الكاتبة ليست إنسانا يعيش في مجتمع مليء بالأحداث والقضايا التي يجب الكتابة عنها طالما اتفقنا أن الكتابة رسالة. في هذا الاستطلاع ثمة آراء لكاتبات يكتبن تحت رقابة ذاتية مشددة قد يكون ليس بسبب الخوف من المحيط الاجتماعي, ولكن للبحث عن طريقة أفضل للقول بعيدا عن أوهام مجتمعاتهن. الروائية رزان نعيم المغربي: صوت المرأة عورة تسألين عن الاقتراب من المحرمات أو المسكوت عنه، بمعنى آخر، إنها كثيرة جداً في مجتمعاتنا العربية التي باتت تعاني من ردة للماضي، واقصد الماضي في عصر الانحطاط العربي، عصر الحرملك حيث صوت المرأة عورة. الكتابة تمثل صوتي، لذا مجرد خروجي ورفع صوتي بالكتابة، محرم عند البعض، فما بالك بالكتابة حول مواضيع عرفت بالثالوث المحرم، والتي لم يقترب منها حتى الكتّاب الرجال في بعض الأحيان. وبالنسبة للكتابة السردية نجد ان بعض المجتمعات العربية مازالت المرأة المبدعة فيها متحفظة جدا من خوض هذا الجنس الابداعي، لتصور وحكم مسبق ان ما تكتبه سيرة ذاتية، ويشكل حالة عري روحي لها، إلا أنني أناقش الموضوع من وجهة نظر أخرى، وهي إذا كانت المرأة المبدعة تريد الوقوف على منبر الكتابة, فهذا يعني أنها تمتلك رؤية جديدة مغايرة، ولها الحق في الطريقة والاسلوب الذي يحقق لها حضورها ولمس جانب من الحقيقة، وعليها ألا تلتفت لأصوات تقمعها، ولن نستغرب أن تكون الأداة والسلطة الذكورية متمثلة أحياناً ببعض من الكتًاب والمثقفين، حتى الناقد العربي مازال يعيش تحت وطأة « صوت المرأة عورة» حتى لو لم يعترف علانية بالامر. الروائية سميحة خريس: الكاتبة لاتحظى بالتفهم من عائلتها الكتابة أساساً كشف عما خفي، وبوح بما هو في الاعماق، والمجتمع لا يتعامل مع الكشف والبوح برضا عندما يصدر عن امرأة. ولأن المرأة مصدر ترفيه في معظم العقول العربية فإن القارئ يظن أن من حقه أن يستمتع بقصة حياة تلك الكاتبة التي تبوح بجرأة، حتى لو لم تكن تتناول حياتها، فهو يفضل الاحتفاظ بهذا الوهم. المرأة في المجتمع التقليدي المتحجر عورة كلها، جسدها وصوتها وتفكيرها واحلامها، وكتاباتها كذلك، فليس اقل من التلصص على تلك التفاصيل كما لو كانت تخص الكاتبة وليست نصاً منفصلاً. لكن حدة هذه المسالة تتراجع في بعض المجتمعات وتشتد في اخرى، كما أنها تفقد جانب الاثارة عندما تتجاهلها الكاتبة وتمضي في مشروعها، هنا يبدأ المجتمع بإعادة حساباته، و ينتقل إلى وهم من نوع آخر, كأن يحسب تلك الكاتبة على الرجولة، ويتركها وشأنها تكتب براحة على اعتبار أنها في خندق الرجال، لاخندق الابداع، وتلك مسألة حساسة لايمكن تحديد ظلالها ونسبتها، الامر يحتاج إلى دراسات اجتماعية مكثفة لا مجرد اقتراحات النقاد العابرة. الروائية هويدا صالح: القارئ العربي يفتش دائماً في سطورنا تكتب تحت ضغط أن يقول لها القارئ: هذه أنتِ التي تكتب؟ هذه حياتك، خبراتك، تكتب وعينها على تصفية كتاباتها من كل ما يشينها. قليلات هن من استطعن مواجهة القراء, وكتابة مايردن باعتباره مجرد كتابة خيال, وليس واقعاً رأته أو عاشته. الكاتبة العربية طوال الوقت تُسأل من قبل القارئ، يفتش في نواياها، يفتش في شخوصها أيهم هي؟ هل ما تكتبه سيرة ذاتية أم مجرد سرد يأتي من الخيال. أنا شخصياً ككاتبة أكتب دون أن ألتفت لمن يؤثمني أو يخونني أو يطالبني بكشف حساب لشخوصي التي أكتبها. أكتب ولا أخشى المساءلة من قبل القارئ أو المجتمع، أكتب ولا يهمني من يفتش في النوايا، حدث أن تساءل البعض بعد نشر روايتي «عشق البنات»: ترى هل كل ما فيها حقيقة أم خيال؟ وطبعاً لأنها كانت تخرق التابو وخاصة الجنسي فكنت أواجه من يسألني إنها كتابة... كتابة بنت الخيال ولست مطالبة للتبرير لأحد. الكاتبة العربية حقيقة تقع في أتون مواجهة المجتمع وتخوينه لها، لذا هي تستحق التعاطف لأنها تقع تحت ضغط أكبر من الكاتب العربي. |
|