|
رؤية في العصور الخالية كانت وسائل المماحكة على صفحات الكتب وتعقد المناظرات بين الفرقاء في مجالس العلم والتعليم،وفي أحسن الأحوال في قصور الأمراء. هناك الآن على الساحة وسائل جيدة للمماحكة مع ظهور أدوات جديدة من فضائيات وانترنت تستخدم أوعية لحمل المعرفة،كما تستخدم للحوار والجدال. والمثير في الأمر أن العلماء والمفكرين بدؤوا يخوضون المعارك العلمية والفكرية عبر الأدوات والوسائط التقنية الجديدة. وهكذا أصبحت ترى مشاهير العلم والفكر الذين استمتعنا بأفكارهم الموضوعة بين دفتي كتاب، يظهرون على الفضائيات يناقشون ويجادلون ويصرخون على طريقة نجوم الشاشة الصغيرة، ثم تتابع مسلسلات الجدال على مواقع الانترنت. ما يحدث على صفحات الانترنت وعلى شاشات الفضائيات يثير العجب العجاب، لأن المفكرين والباحثين والعلماء يتجادلون في أمور اختصاصية بحتة، وقليل من المشاهدين يملك شيئاً من المعلومات عن موضوع الجدال، وهم خلال جدالهم يذكرون مفردات ومصطلحات علمية تحتاج إلى شرح وبيان. كما أن كل واحد من المتحاورين متمسك بفكرته ويستمر في جداله العقيم في أكثر الأحيان لأنه لايحيد عنها مهما أوتي من البراهين والدلائل، وهذا أمر بعيد عن صفات العلماء الذين كانوا يسلمون للآخر في مجالس المناظرة إذا أفحمه من يناظره. إن استمرار العلماء في هذا الظهور على الفضائيات على هذه الشاكلة من أجل حفنة من الدولارات ينزل من قدر العالم والباحث لأن عمله يعد امتهاناً للعلم والبحث العلمي الجاد والرصين . فضلاً عن ذلك هو يناقش أمراً علميا أمام أناس يعدون عواماً في المسائل ذات البحث،ناهيك عن كثير من المشاهدين الأميين الذين يريدون أن يعرفوا شيئا عن تلك المسائل، وبذلك ينطبق على الباحثين الأفاضل المثل القائل: (ياناشر العلم بين الجاهلين خطأ). |
|