|
معاً على الطريق وقد يكون من الأخطاء الشائعة في إعلامنا العربي, خاصة ذلك الذي داوم على انتقاد التبعية الخليجية لأميركا والغرب, أنه كرر كثيراً وببغائية واضحة وفي مدى عشرات السنين الماضية, اتهامه لحكام الخليج بأنهم حماة المصالح الأميركية في المنطقة العربية, ودون أن يتساءل هذا الإعلام مرة عن منطقية هذا الاتهام, وعما إذا كان في مقدور هؤلاء الحكام فعلاً أن يحموا ويحرسوا المصالح الأميركية والغربية.. في وقت قدمت فيه أميركا الدليل تلو الدليل على أنها هي من يحمي مصالحها ولا أحد سواها في أي منطقة من العالم! ثمة تصحيح, بل تصحيحات للخطأ الشائع إياه جاءت على لسان أوباما في الشهرين الأخيرين, واتضح منها أن أميركا هي التي تحمي حكام هذه المحميات الخليجية وتحرس عروشهم وليس العكس, وأن ذلك هو منطق الأشياء الصحيح إذا ما قدر للمنطق أن يكون حكماً فيصلاً في هذه المسألة, من هذه التصحيحات ما قاله أوباما لتوماس فريدمان من النيويورك تايمز مؤخراً, بأن الخطر الأكبر الذي يهدد المحميات الخليجية لا يأتيها من الخارج بل من الداخل, عبر الاستبداد الذي يمارسه حكامها على شعوبهم وعبر الأيديولوجيات والعقائد المتخلفة التي تولد الإرهاب والاستبداد معاً في هذه البلدان, ثم ما قاله أوباما منذ أيام للواشنطن بوست بأن بعض المحميات الخليجية ساهمت في تأجيج الفوضى والعنف والتطرف في ليبيا! بل لعل آخر هذه التصحيحات وأقواها وأكثرها دلالة, هي الدعوة التي وجهها أوباما لحكام هذه المحميات للقائه في كامب ديفيد في 13 أيار المقبل, دعوة لا تشبه شيئاً أكثر مما تشبه الإملاء والأمر, والسؤال : لماذا الدعوة في هذا الوقت وما الذي سيقوله أوباما لهم ؟ لا أحاول أبداً الاجتهاد في محاولة الإجابة على السؤال, ولا التكهن بما يمكن أن تكون عليه الإجابة.. إذ لم أفهم بعد شيئاً مما يدور أو يمكن أن يدور في رأس صانع القرار الأميركي منذ عدة سنوات.. سوى أنه دمر المنطقة وبلدانها وجيوشها وبناها التحتية وهو يدعي تطويرها وتنميتها, وحرق شعوبها وأبناءها بمشاعل دعوته إلى الحرية والديمقراطية والحقوق المدنية والإنسانية, ولم أعرف بعد ما إذا كان ذلك سوبر ذكاء منه.. أم أنه « ارتباك وفشل وتخبط «, كما يداوم على تكرار ذلك أيضاً الإعلام العربي ذاته الذي فهم, وليته لم يفهم, أن حكام الخليج يحمون ويحرسون مصالح أميركا! لا أهتم بالأفكار التي سيقولها وينقلها الرئيس أوباما للحكام الخليجيين الذاهبين إليه في أيار المقبل, بل بفكرة واحدة قالها لتوماس فريدمان وهي : أن أميركا تستطيع حمايتهم ممن يستهدف عروشهم من الخارج, لكنها.. لا تستطيع ذلك أمام من وما يستهدفهم من داخل محمياتهم! فماذا لو كرر أوباما الفكرة ذاتها, وماذا لو أدرك حكام الخليج أنهم باتوا دون سقف أميركي, هل يتحولون إلى جواميس هائجة في وبين دول الخزف والزجاج.. لعل اليمن أنموذج؟ |
|