تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شفيق آشتي في متحف دمشق ..ســطوح «الكـــــولاج» وقوة الاختـزال

ثقافة
الخميس 17-12-2009م
أديب مخزوم

معرض جديد للفنان التشكيلي شفيق اشتي يقام في متحف دمشق الوطني متضمناً مجموعة جديدة من لوحاته المنجزة في العامين الأخيرين

والتي يحافظ فيها على ايقاعات النسيج التعبيري المتصاعد من وتيرة البحث عن حساسية الحركة اللونية العفوية التي تلامس ايقاعات العناصر الانسانية في لحظات قربها أو بعدها عن الواقع.‏

وقبل الدخول إلى أجواء أعماله وتجاربه الجديدة لابد من استعادة لبداياته الفنية وذلك لأنها تشكل المدخل الحقيقي لبناء تكاوين تجربته الجديدة. ففي البداية كان يركز لإظهار بقايا آثار المدن القديمة المتهدمة كعناصر أساسية في لوحاته، ولقد جعل الأشكال التاريخية في مراحل لاحقة تتداخل مع عناصر المرأة من خلال الاهتمام بالصوغ اللوني المركز والمنظم حيث جسد العناصر الأثرية بدقة واقعية برزت فيها الإشارات العقلانية وتدرجات الظل والنور، ثم أخذت الأشكال الانسانية تميل إلى التسطيح وظهرت في فضائية المشاهد الأثرية كظلال لا أشكال لها، بينما برزت المساحات القماشية العملاقة أو الستائر كعناصر متداخلة مع الأعمدة والقناطر والأقواس والمقرنصات والتيجان الأثرية.‏

في أعماله الجديدة غابت تفاصيل العناصر الأثرية، وبقيت إشاراتها وألوانها الدالة عليها، كما عالج الأشكال الإنسانية ضمن تأليف متطور من أجواء أعماله السابقة ووصل في بعض لوحاته المعروضة إلى حدود التجريد الايحائي الذي يرتد إلى ملامسة العناصر الانسانية في لحظات غيابها ودخولها في النسيج اللوني التجريدي.‏

فهو في هذه المرحلة يرسم إشارات الأشكال الانسانية ويقترب من روح التشكيل التعبيري- التجريدي أكثر مما يقترب من روح التجسيد أو الرسم الواقعي الدقيق الذي مارسه في مراحل سابقة. ويمكن اعتبار تقنيته الجديدة القادمة من طريقة إلصاق صفحات مجعدة من ورق الجرائد والمجلات، والتي تحول سطح اللوحة إلى نتوءات وتقعرات وانحناءات وسطوح تضاريسية تبرز جمالية الانفتاح على مظاهر الاختبار الحديث في عملية بناء لوحته الفنية المتجهة بقوة نحو التجريد.‏

وهو حين يواكب الأساليب التعبيرية المنحدرة من ثقافة القرن العشرين فإنه يبدأ من أقصى درجات التقشف اللوني، حتى إنه يجعل سطح اللوحة الخام داخلاً في بناء بعض لوحاته القريبة من أجواء ومظاهر الرسوم التحضيرية السريعة ثم يأخذنا إلى لوحات أخرى مشغولة بتقنيات مختلفة وسماكات لونية وكولاجية متنوعة.‏

والمناخ اللوني عند شفيق اشتي كان ولايزال بمثابة استجابة للإيقاع اللوني القادم من انطباعاته وذكرياته حين كان يشرد بنظره في السهول القريبة والبعيدة والمحيطة بمدينته السويداء (المناخ المنتسب لألوان الحجر البازلتي). ولهذا لم يكلف نفسه عناء البحث عن ألوان وأضواء أخرى خارجة عن الإطار الجغرافي الذي شهد طفولته وفتوته وشبابه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية