|
كتب
جاء كتابه الجديد (العرب في الاستراتيجية الأميركية - مقاربة تحليلية - تاريخية من 1918 - 2005) مؤكداً على أن معرفة الأبعاد الاستراتيجية البعيدة والقريبة للسياسة الأميركية في الوطن العربي, لابد من أن تتعدى القراءة الوصفية للأحداث, والتحديد الشكلي للحركة السياسية نحو تلك الأهداف الاستراتيجية, ذلك أن الخطر لم يعد مقصوراً على قطر عربي دون آخر, أو حتى على جيل بعينه من أجيال هذه الأمة, ولكنه بات في الواقع يهدد بقوة جوهر ومقومات الوجود العربي برمته. من هنا كما يذكر د. خلف الجراد: (تنبع مسؤولية الباحثين والمفكرين ومجمل المثقفين العرب التي يفرضها عليهم انتماؤهم الوطني والقومي, أن يتعرضوا بالبحث والدراسة والتحليل لمرتكزات هذه الاستراتيجية وجذورها وتوجهاتها وأغراضها, وذلك لبناء الوعي القومي الجماعي على مختلف الصعد والمستويات للتصدي لهذه الأخطار من جهة, والانطلاق نحو خلق أسس ومرتكزات متينة لاستراتيجية عربية مضادة من جهة أخرى, من شأنها وقف عملية تفتيت النظام العربي والمخططات العملية الهادفة لإعادة احتلال الوطن العربي ونهب ثرواته, وتمزيقه إلى كيانات هزيلة متصارعة, وأنظمة متنازعة متناحرة تابعة, فالقوة الاستراتيجية المعادية تحتاج إلى قوة استراتيجية قومية لمقاومتها).
بطريقة مكثفة ومركزة يقدم لنا د. الجراد استنتاجاته في نهاية كل بحث, في نهاية بحثه الأول: (الأهمية الاستراتيجية للوطن العربي ومرتكزات السياسة الأميركية) يقدم للقارئ خاتمة غزيرة المعنى والمفهوم: (نستنتج بأن السياسة الأميركية لم تبدأ من الصفر, بل استفادت من الإرث الاستعماري وسخرته لخدمة أهدافها, وحققت في هذا المجال نجاحات كبيرة, كما نعرف من تتبع مجريات الأحداث في القرن العشرين على وجه الخصوص, فالاستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة استندت إلى مرتكزات أساسية ثابتة, هي في حقيقتها ظواهر اقتصادية وسياسية وجغرافية وتاريخية تشكل فيما بينها قوى الجذب لأي قوة دولية تسعى إلى لعب دور رئيسي في السياسة العالمية, وقد تشكلت الأهداف الدائمة, والمصالح الحيوية الأميركية في الوطن العربي, والشرق الأوسط بصفة عامة, على أساس هذه المرتكزات الاستراتيجية, فهي لم تبدأ من فراغ, أو تعتمد على متغيرات غير واضحة, كما أنها لا تنبع من مصالح مؤقتة, وإنما تم تخطيطها على أسس واقعية وفي ضوئها, حددت الأهداف الدائمة والمصالح الحيوية الأميركية في الوطن العربي. الكتاب مجزأ إلى تسعة فصول حملت عناوين مهمة مثل (البعد الديني في سياسة كلينتون تجاه إسرائيل/ اليهود في مجلس الأمن القومي/ إدارة ريغان للصراع العربي- الإسرائيلي مرحلة ما قبل الحرب اللبنانية/ أوهام بشأن الجمهوريين) الخاتمة جاءت غنية بالطروحات والنتائج حملت عنوان: (توقعات حول مستقبل العلاقات العربية - الأميركية في القرن الحادي والعشرين) حيث أكد فيها د. خلف الجراد على عدة أساسية يفترض أن تتوفر لأجل اعتماد لغة حوار حضاري سليم في القرن الحادي والعشرين كأن تتخلى عن سياسة أميركا في استغلال مشكلات الأقليات الدينية والقومية في بعض البلاد العربية لخدمة مصالحها الخاصة في المنطقة مثلما يحدث بالنسبة للعراق والسودان وتخلي الولايات المتحدة عن سياسة استخدام القوة والحصار العسكري ضد أي دولة عربية, واللجوء إلى الوسائل السلمية لحل المشكلات القائمة بينهما وأكد ضرورة العمل على وضع استراتيجية عربية بديلة, تأخذ المبادرة وتقوم على المصالح وليس على ردود الأفعال والعواطف والمثاليات والتمنيات إضافة إلى الأهمية القصوى لمسألة التضامن العربي, والتنسيق في المحافل الاقليمية والدولية والإفادة من خبرات الدبلوماسيين السابقين ولاسيما الذين عملوا في العالم الغربي عموماً والولايات المتحدة خصوصاً وتشكيل هيئات ومؤسسات فكرية - دبلوماسية وأكاديمية تضع الأسس والآليات العلمية والعملية لمقاربات موضوعية ودراسات واقعية لفهم عناصر وتوجهات السياسة الأميركية, والقوى التي تضع القرارات الاستراتيجية الأميركية وكيفية التعامل الفعال معها. |
|