|
شؤون سياسية لقد أصبحت السياسة جزءاً من المجتمع الإسرائيلي إذ إن اجتماع رقعة الأرض الصغيرة, والحدود الطويلة والعزلة الاقليمية, والموقف الأمني الصعب والوضع الاستراتيجي الاقليمي نتج عنه وضع خاص قد يثير قلق كل فرد من أفراد الكيان الصهيوني. لقد طرحت نتائج حرب حزيران 1967 ونشاطات الحكومات المتعاقبة أموراً سياسية واقليمية جديدة اضطرت معها إسرائيل إلى معالجتها (الاستيلاء والاستيطان وبروز الروابط القومية والدينية وإقامة القدس الموحدة وضم مرتفعات الجولان ومن ثم المساومة على كل ذلك في مفاوضات السلام) هذه أمثلة على حجم ومقدار تداخل الجغرافية والسياسة, إن ضياع الإحساس بالأمن والشعور بالعجز عن تحقيق الأهداف, والانكفاء من الهموم الاجتماعية الداخلية, ذلك أدى إلى استمرار العيش مع الإحساس الدائم بالخطر ومثل هذا الإحساس يقود إلى كره الواقع عن طريق الاعتقاد بأن السلام مع العرب المغلف بالأمن المطلق يمكن تحقيقه وضمان استمراره بالوسائل العسكرية. إن أوضح تعبير عن التغيرات الجغرافية- السياسية التي تحدث في إسرائيل في ظل الحكومات المتعاقبة هو دون ريب تسارع الاستيطان بمراحل عديدة وتطوير مستوطنات إضافية جديدة في جميع المناطق, ومن خلال أولويات جديدة للتطوير الاقليمي. لقد مرّت سياسة الاستيطان بمراحل عديدة وتطورت وفق أسباب سياسية وأمنية: - في الخمسينيات كانت الأهداف القومية تدور حول استيعاب الألوف من المهاجرين الجدد وتوطينهم وتأمين حياتهم الاقتصادية والأمنية. - في الستينيات أصبح الهدف توحيد نمط الاستيطان والاقتصاد خاصة في مستوطنات الناحال. - في السبعينيات تغيرت الأهداف الإسرائيلية بعد أن اتجهت السياسة الاستيطانية نحو المناطق الجديدة المحتلة في حزيران 1967 في ما وراء الخط الأخضر وذلك بإقامة المستوطنات وإحداث المناطق الأمنية الجديدة وخاصة الجليل والقدس. - أعطت الحكومات الإسرائيلية أهمية خاصة للتوسع شرقاً لتحقيق الأمن والعمق الاستراتيجي (الضفة الغربية, نهر الأردن, الجولان) وقد سرّعت إسرائيل في أعمالها هذه جغرافيا بعد أن انسحبت من سيناء, ولتحقيق سياسة الاستيطان هذه وضعت مشاريع متعاقبة منها(مشروع آلون للضفة الغربية بحيث يتضمن الحدود المستقبلية, كما كان محاولة شاملة لصياغة موقف اقليمي يتعلق بترتيبات السلام, مشروع دايان وهدفه تعزيز سيطرة إسرائيل على القمم الجبلية بالترابط مع معسكرات الجيش, مشروع تعزيز ضواحي القدس من خلال أعمال اللجنة الوزارية الإسرائيلية الخاصة بالاستيطان, ثم مشروع إزالة (الخط الأخضر) ولهذه الغاية فقد أوجدت إسرائيل مزيج أنماط للاستيطان في المناطق المحتلة, ولكن هذا الأسلوب أوجد اضطرابات كبيرة في المفاهيم السائدة للاستيطان حيث أصبحت المنطقة نوعاً من مختبر للتجارب الاستيطانية المكلفة جداً للاقتصاد الإسرائيلي. فيما يتعلق بمرتفعات الجولان, فقد سرّعت إسرائيل خطواتها نحو استيطان الجولان منعاً من الانسحاب من هذه المنطقة الاستراتيجية المطلة على الحولة والجليل والمليئة بالمياه والمناطق الزراعية المثمرة. حتى عام 1973 أعطيت الأولوية للاستيطان في منطقتين (جنوب الجولان ومنطقة القنيطرة) وخلال الفترة 1967- 1973 تم بناء 11 مستوطنة زراعية حيث كان للاستيطان طبيعة مؤقتة إلى حد ما, لوجود ثقة قليلة بالنسبة لمستقبل الجولان السياسي. وعندما صعد الليكود إلى السلطة عام 1977 أصبح للاستيطان وسط مرتفعات الجولان أولوية ملحة وكان الهدف إغلاق الفجوة البالغة 17 ميلاً بين مستوطنة رامات ماغشيميم في الجنوب وعين زيوان في الشمال وبذلك انتقل الجهد الرئيسي من الجنوب إلى منطقة القنيطرة, وفي عام 1975 تقرر القيام بجهد استيطاني أوسع يشمل أربع مستوطنات تجمع بين الزراعة والصناعة, وأربع قرى أخرى صناعية تضم كل منها 4500 مستوطن وتقرر تحصين المستوطنات المواجهة لخطوط المواجهة وتحويلها إلى حواجز صدامية دفاعية عام ,1987وصل عدد المستوطنات إلى 31 مستوطنة يسكنها أكثر 7000 مستوطن وخلاصة القول إن مرتفعات الجولان بعيدة عن الأهداف التي رسمها المخططون الإسرائيليون ويبدو أن الظروف العسكرية والسياسية من ناحية وأولويات التطوير التي أعطيت لمناطق الضفة والقطاع من ناحية أخرى قد أعاقت تطويرها بدرجة أكبر, يقول أليشا أفرات مؤلف كتاب الجغرافية والسياسة في إسرائيل: (سوف يخضع كل توجه في استخدام الأرض إلى تغييرات جذرية في المستقبل وإذا لم تستخدم الأرض بشكل مكثف, وإذا خضعنا للضغوط المختلفة وحولنا الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى, فسوف نفقد تدريجياً القاعدة الأرضية التي أسست عليها إسرائيل وسوف تتحول إسرائيل إلى بلد من الاسمنت المسلح والمنشآت وملحقاتها). |
|