تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل لم تعد تتحمل أخطاءها

لوفيغارو
شؤون سياسية
الأربعاء 6/12/2006
ترجمة: دلال ابراهيم

يسيطر على أصدقاء إسرائيل في الغرب حالياً قلق وهاجس كبيران, إذ ومنذ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين على يد أحد المتطرفين اليمينيين في الرابع من تشرين الثاني 1995 وإسرائيل تعاني من عجز خطير ليس مالياً,

وإنما بإيجاد زعيم قادر على قيادتها إلى بر الأمان ولا تمتلك هذه الحكومة الحالية أي رؤية ولا أي استراتيجية موضوعية على المدى الطويل, وكذلك أي سياسة قادرة على تجاوز وتخطي الإملاءات الانتخابية ويصف الخبير الجيوسياسي دومينيك مويسي الوضع في إسرائيل قائلاً ( إن شعبها أفضل من حكامها السياسيين والعسكريين).‏

ونحن في فرنسا نعلم ماذا يمتلك السياسيون الذين تنقصهم الرؤية والشجاعة والصدق والصراحة وكذلك الفعالية, ولكن نتائج سياستهم مثل (فائض الدين والبطالة والنمو الصفر والحرفية) لا يمكنها أن تزعزع استمرارية البلاد على المدى القصير, ولكن في بلد مثل إسرائيل فإن الأمر مختلف جداً فهي بحاجة لأن يقودها زعيم بارز يتحلى بكفاءة استثنائية لا يرضى بأن ينهزم في أي معركة لأن إسرائيل بلد صغير يسبح في بحر خطير جداً ولن يكون أمامها أي فرصة للإنقاذ إن ارتطمت بالرصيف الصخري ومع ذلك فقد أعطت إسرائيل لأصدقائها الغربيين, ومنذ عشر سنين انطباعاً غير سار وهو أنها سفينة فقدت ربانها, وتقاد حالياً من قبل رجل اللحظة والموصوف هو أيضاً (بالطيار الآلي) ويضع الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان والذي فقد ابنه المظلي يوري خلال الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على لبنان في شهر تموز المنصرم, يده على الجرح في توصيفه للوضع الإسرائيلي أمام حشد ضم 100 ألف شخص بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لوفاة اسحق رابين إذ يقول :إن إسرائيل في ضياع لأن ليس لديها (ملك) ولنعد في الوقائع السياسية قليلاً إلى الوراء إلى عشر السنوات الأخيرة والتي تثبت أنه كلما انفقدت التوجهات الاستراتيجية ضاعت الفرص القادرة على ضمان مستقبل أفضل لإسرائيل.‏

لا أحد يمكنه أن يشكك بحب اسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائىلي لإسرائيل وسعيه لضمان أمنها وجزاء ذلك كان ضرورة قتله من قبل أحد المتطرفين الذي استخدم كأداة في يد الأوساط اليمينية الدينية المتطرفة والذين أطلقوا على رئيس الوزراء حملة تشهير متهمين إياه علانية (بالخيانة) وجريمته هي توقيعه مع الزعيم الفلسطيني الراحل عرفات في أيلول من عام 1993 معاهداة أوسلو مقابل اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية تلك الاتفاقيات التي تنص على إنشاء دولة فلسطينية تدريجياً فوق قطاع غزة والضفة الغربية أي فوق أراضٍ تشكل فقط 22% من مساحة فلسطين الانتدابية وانطلاقاً من اعتقادهم أن أراضي فلسطين بكاملها غير منقوصة هي هبة من الله منحها للشعب اليهودي قرر المتطرفون اليهود التخلص من رابين, والذي خلفه شيمون بيريز الذي كان لا يعرف اغتنام الفرص, إذ حينها كان الشارع الإسرائيلي يغلي غضباً نتيجة اغتيال رابين, وفكر في ضرورة التخلص من المستوطنين المتطرفين الذين يسممون الحياة, ويقوضون دعائم إسرائيل منذ سنين طويلة والسؤال: لماذا لم يغتنم الفرصة حينها ويفكك المستوطنات المثيرة للتوتر والباهظة التكاليف من الناحية الأمنية? ومثال على تلك المستوطنة مستوطنة الخليل المبنية من قبل يهود أميركيين في وسط محاط بالعرب من كل الجوانب.‏

وكان بنيامين نتنياهو هو خليفة بيريز من المعارضين الشرسين لاتفاقيات أوسلو والتي ضرب بها عرض الحائط رغم تظاهره بالسعي لتنفيذ بعض بنودها كي لا يتواجه علانية مع إدارة كلينتون, وعرف جيداً كيف يحطم آلية فكر أوسلو ويكسب لصالحه بعض الانفتاحات على بعض الدول العربية إلا أنه وبرفضه مد يده إلى منظمة التحرير الفلسطينية عمل نتنياهو على تعزيز شعبية حماس والتفاف الشعب الفلسطيني حول مبدئها وفكرها المقاوم.‏

والاخفاق الكبير للاستراتيجية الإسرائيلية تجلى في شهر أيار من عام 2000 في عهد ايهود باراك عندما هزم في جنوب لبنان.‏

والفشل الأخير كان أن الإسرائيليين لم يتحلوا بالشجاعة الكافية ليقولوا لحلفائهم الأميركيين في مطلع عام 2003 أن غزوهم غير المجدي للعراق لن يؤدي سوى إلى تقوية بلدان معادية لهم مثل إيران.‏

والآن عادت إسرائيل إلى التشدد الذي لن يفضي سوى إلى تفاقم الأوضاع وازداد الجيش الإسرائيلي مع أسر الجندي شليت في غزة, واثنين آخرين في جنوب لبنان تشرنقاً داخل استراتيجية العقاب الجماعي وبدلاً من أن تستجيب الحكومة الإسرائيلية إلى الدعوات السلمية السورية, وكذلك دعوات الفلسطينيين, ضمت حكومة تل أبيب إلى صفوفها وزيراً يمينياً متطرفاً وكلما تقدم بنا الوقت نلمس مدى ازدياد كره الشعوب لإسرائيل ولاسيما شعوب الدول المجاورة لها, لقد آن الأوان حتى وبات حتمياً انقلاب الأوضاع على حالها إن كانت إسرائيل تبغي الاستمرار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية