تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محطة أفغانستان.. من التحالف مع طالبان إلى اللجوء لـ «تورا بورا»

قاعدة الحدث
الثلاثاء 27-4-2010م
عدنان علي

بدأت علاقة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بأفغانستان من مجرد نقل مساعدات عينية ومالية إلى المقاتلين الأفغان ضد القوات السوفيتية

إلى إنشاء مكتب في بيشاور شمال باكستان بالتعاون مع عبد الله عزام الملهم الرئيسي لتنظيم القاعدة (والذي قتل في ظروف غامضة عام 1989 ) وهو المكتب الذي سمي ببيت الأنصار وكان يمثل محطة أولى لاستقبال المتطوعين الاجانب.‏

وقد أدى استمرار الاقتتال الداخلي بين الفصائل الافغانية المختلفة، والفوضى بعد الانسحاب السوفييتي عام 1989، إلى نمو تنظيم طالبان وتوسيع نطاق سيطرتها على أرض أفغانستان، وإنشاء المقاطعة التي أطلق عليها إمارة أفغانستان الإسلامية. وفي عام 1994 احتلت طالبان المركز الإقليمي لقندهار، قبل أن تحتل العاصمة كابول في أيلول 1996.‏

وبعد أن أعلن السودان في ذلك العام أن بن لادن وجماعته لم يعد مرحباً بهم، وفرت حركة طالبان لهم ملاذا آمنا، حيث تمتعت القاعدة بحماية حركة طالبان، وبقدر من الشرعية لأنها كانت جزءاً من وزارة دفاعها، على الرغم من أن ثلاث دول فقط في ذلك الوقت كانت تعترف بحركة طالبان كحكومة شرعية في أفغانستان. وبدأت هذه العلاقة تتطور نظرا لأن أسامة بن لادن كان الأبرز بين العرب وقتها خاصة بعد اللقاءات الصحافية والتصريحات شديدة اللهجة ضد أمريكا والتي تطالبها بالخروج من جزيرة العرب، بينما كانت حركة طالبان حركة وليدة، عملها الشرعي محدود، ولم تكن لها دراية بالسياسة، إضافة إلى حداثة أعمار قادتها. ومثلاً لم يكن وزير الدفاع لدى الحركة يتجاوز عمره الثانية والعشرين عاما.‏

يقول الصحفي عبد الباري عطوان الذي قابل بن لادن عام 1996 إنه عندما التحق أسامة بن لادن بأفغانستان في المرة الثانية انتقل إلى جلال آباد، وكرر مرة أخرى حياده في الصراع الأفغاني، ولكن في الأثناء كان هناك تقدم لحركة طالبان، ووصلت إلى كابول وسيطرت عليها، وفي طريقه إلى قندهار مر بن لادن على كابول، والتقى بالملا محمد عمر وانحاز إليه من بين الاطراف الافغانية لأنه أعجب بنظام طالبان التي حاولت إقامة إمارة إسلامية ولم تمارس ما فعلته الفصائل الاخرى في مناطق نفوذها من فرض أتاوات وتجبر على الناس. واستطاع بن لادن إقناع الجنرال جلال الدين حقاني بالانضمام إلى طالبان وهو ما مكنها من السيطرة على 95% من أفغانستان، وكانت هذه بحسب عطوان نقطة التحول الرئيسية في العلاقة بين الرجلين الملا عمر وبن لادن والتي توجت بانضمام مقاتلي بن لادن للقتال إلى جانب طالبان في معارك الشمال حيث قتل ما يزيد عن المئتين منهم كما ينقل عطوان عن بن لادن. ومن بين الأشياء التي حسبت لأسامة بن لادن من وجهة نظر طالبان أنه دافع بقوة عن العاصمة كابول في وجه قوات عبد الرشيد دوستم وأحمد شاه مسعود، كما أنه قدم بعض الكوادر من خريجي الجامعات في التنظيم لطالبان كي يعطوا المشورة ويكونوا نواة لإدارة طالبان.‏

وفي عام 1998 أعلن تنظيم القاعدة الحرب على القوات والمصالح الأجنبية في الأراضي الإسلامية كافة، بناء على فتوى استصدرها بن لادن من أربعين فقيها أفغانيا وباكستانيا اعتبرت إعلانا للحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. وفي آب من نفس السنة فجرت سفارتا أميركا في كينيا وتنزانيا.‏

وفي أعقاب هجمات 11 أيلول، شنت الولايات هجوما عسكريا شاملا على افغانستان.‏

أسفر عن إطاحة نظام طالبان التي كانت تأوي تنظيم القاعدة. وقبل هجومها طلبت من زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر تسليم بن لادن وكبار معاونيه،لكن طالبان عرضت تسليم بن لادن إلى بلد محايد للمحاكمة إذا قدمت الولايات المتحدة أدلة على ضلوعه في الهجمات، وهو ما رفضه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش.‏

وأدت الحرب إلى تدمير معظم معسكرات تدريب طالبان والقاعدة، ويعتقد أن كثيراً من هيكل عمل القاعدة تم تعطيله. وحاول كثير من مقاتليها بعد فرارهم من منطقة تورا بورا في أفغانستان، تجميع صفوفهم في منطقة جارديز الوعرة. وتمكنت حركة طالبان في السنوات التالية من إعادة تنظيم صفوفها وباتت تشكل اليوم تحديا ملموسا للقوات الحكومية والاطلسية في افغانستان بينما يعتقد أن معظم مقاتلي وقيادات تنظيم القاعدة متمركزون في المناطق الوعرة على الحدود بين افغانستان وباكستان.‏

وبشأن طبيعة العلاقة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان بشقيها الافغاني والباكستاني، يرى مراقبون انه إذا كانت حركة طالبان غير مساندة بشكل قوي للقاعدة فإنها سمحت لرجالها بالنشاط على أراضيها وتوفير الحماية لها استنادا إلى مبادئ الضيافة لقبائل البشتون، وإلى الظروف والمصالح المشتركة التي جمعتهم خاصة أن أعداءهم غالبا ما ظلوا يستهدفونهم معا ككتلة واحدة. كذلك استخدمت القاعدة بدهاء فكرة زواج أفرادها من بنات ينتمون إلى قبائل محلية كإجراء أمني إضافي.‏

وفي شهادة حية، يقول عمر بن لادن نجل زعيم القاعدة: إن العلاقة بين القاعدة وطالبان قائمة فقط على أساس المصلحة دون أن يربطهما أي ود. ويضيف عمر بن لادن (28 عاما) في مقابلة عبر البريد الالكتروني أنه رغم أن القاعدة وطالبان تتوحدان معا عندما تكون هناك ضرورة، إلا أن الجماعتين لا تحبان بعضهما متوقعا أن تتقاتلا إذا لم يعد هناك أعداء مشتركون على الأرض.‏

ويقول عمر إنه كان شاهد عيان على لقاء في عام 1998 طلب خلاله زعيم طالبان من زعيم القاعدة مغادرة أفغانستان في أعقاب تفجير سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا أديا إلى هجمات أميركية على أفغانستان. وقد رد بن لادن على الملا عمر في نقاش متوتر أن الطلب هو «استسلام لضغوط الكفار» ومن ثم فهو مخالف للإسلام. ولكن طبقا لهذه الرواية أنهى الملا عمر المقابلة بأن رفض الطعام الذي أعده رجال بن لادن ولم يودعهم، وهي إهانة كان على والده أن يتقبلها لأنه لم يكن في وسعه الدخول في معركة خاسرة مع طالبان.‏

***‏

بن لادن والظواهري..من هما؟‏

ولد أسامة بن لادن في الرياض في 10 آذار 1957م واسمه أسامة بن محمد بن عوض بن لادن وهو ابن لأب ثري والذي كان يعمل في المقاولات وأعمال البناء وترتيب أسامة بين إخوانه وأخواته هو 17 من أصل 52 أخاً وأختاً. تنحدر أسرة بن لادن من حضر موت في اليمن، درس في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وتخرج ببكالوريوس في الاقتصاد ليتولى إدارة أعمال شركة بن لادن وتحمل بعضاً من المسؤولية عن أبيه في إدارة الشركة وبعد وفاة محمد بن لادن والد أسامة ترك الأول ثروة تقدر بـ 900 مليون دولار.‏

أيمن الظواهري: ولد في مدينة كفر الدوار في محافظة البحيرة في 19 حزيران 1951 ثاني أبرز قياديي منظمة القاعدة بعد أسامة بن لادن وزعيم تنظيم الجهاد الاسلامي العسكري المحظور في مصر رصدت الحكومة الأميركية مكافأة تقدر بـ25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه بعد أن كانت المكافأة 5 ملايين دولار.‏

والده طبيب من أشهر الأطباء المصريين للأمراض الجلدية، درس الطب وحصل على الماجستير جراحة من جامعة القاهرة سنة 1978 ثم تابع الدراسة في الباكستان ليحصل على درجة الدكتوراه من مدرسة الهدى في بيصور.‏

وبعد اغتيال السادات نظمت الحكومة المصرية حملة اعتقالات واسعة وكان من ضمن المعتقلين إلا أن الحكومة المصرية لم تجد للظواهري علاقة بمقتل السادات فأودعته الظواهري السجن بتهمة حيازة أسلحة غير مرخصة.‏

ثم سافر إلى باكستان ومنها لأفغانستان حيث التقى أسامة بن لادن وبقي في أفغانستان إلى أوائل التسعينيات حيث غادر بعدها إلى السودان ولم يغادر إلى أفغانستان مرة ثانية إلا بعد أن سيطرت طالبان عليها بعد منتصف التسعينيات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية