تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القرار الروسي

صفحة أولى
الأربعاء 15-4-2015
أسعد عبود

لا زال الغرب، بهذا البعد أو ذاك، يراهن على محدودية الجدية في مواقف روسيا التي أظهرتها كروسيا جديدة. هذا الغرب بمواقف متفاوتة نسبياً بين دوله، يجرب دائماً ويمتحن الإرادة الروسية متسائلاً : عن مستوى الجدية ؟.

عندما حاول الغرب امتطاء مجلس الأمن الدولي لحصار سورية ووضعها أمام الخراب الكامل، بقرار دولي لا اعتراض عليه تفاجأ بأمرين:‏

أولاً – جدية المواقف الروسية والصينية في دعم الشعب السوري للحفاظ على دولته بقدر الممكن، والبحث عن حل سلمي ما زالت الدولتان – روسيا على وجه التحديد – تعمل لأجله.‏

ثانياً – أن لسورية أصدقاء مهمين في العالم وليس فقط روسيا والصين... إيران... البرازيل ودول البريكس... وغيرها.‏

ومع ذلك استمر يكرر المحاولة ليعالج خيبته من معلوماته حول التطور المحتمل للأوضاع في سورية. كان يحسبها بموجب ما تزود به ممن يستضيفهم «معارضة» ومن يشاركهم في الخليج وتركيا ومصر مرسي وتونس المرزوقي وغيرها، سائرة بسرعة إلى النهاية، وما بقي سوى الاسراع لتقاسم الغنائم.‏

قالوا : إن روسيا لن تتنازل عن مصالح اسطولها في المياه الدافئة واستراحته في ميناء طرطوس. يعني حجموا الموقف كمصلحة محدودة يمكن التفاهم حولها بما يثني روسيا عن موقفها الداعم لاستمرار قيام الدولة السورية وحق شعبها في رسم توجهاته.‏

جربوا مرات متكررة ولم يصلوا لنتيجة. كانوا يقرؤون المشهد من الحالة السورية فقط وليس من الحالة الجديدة لروسيا الاتحادية. حالة تقول : ثمة قوة متجددة تعلن أنها لن تنضوي تحت لواء أوامر الغرب.‏

ثم جاءت تجربتهم في أوكرانيا التي أوصلتهم إلى نتائج موجعة لهم، تؤكد أن روسيا لا تلعب !! لجؤوا إلى اسلوبهم التاريخي السيئ، العقوبات، المعلنة وغير المعلنة كاستخدامهم لتابعيهم في السعودية للتلاعب بأسعار النفط. لم ترضخ روسيا، وكابوسهم بدأ يتجسد حقيقة واقعة تقول : هناك في العالم روسيا.‏

وآخر ما حرر كان الموقف من ايران ؟ ورغبة الغرب أن تنتظر روسيا ما يرسمه الغرب لتنفذه هي في اطار الدول الستة. وسريعاً جاءهم الجواب، حيث وقع الرئيس بوتين صك بيع صواريخ اس 300 لإيران. قوبل هذا الموقف بالصراخ الموجع من الولايات المتحدة واسرائيل وتوابعهما. ليس فقط لأنه يضيف قوة دفاعية كبيرة لمنظومة العمل العسكري الايراني، بل أيضاً – وربما هو أهم – لأن روسيا هتكت عرض القرار الذي ينام عليه الغرب لمنع ايران من الحصول عل مستلزماتها العسكرية وغيرها. أعلنت روسيا أنها تتراجع عن قرار منها لا يلزمها إلا بقدر رغبتها في استمرار العمل بمقتضاه. وبالتالي بادرت إلى تنفيذ الموقف الذي توافق عليه لرفع العقوبات عن ايران غير منتظرة أميركا أو كونغرسها.‏

هل سيقتنع الغرب يوماً أن ثمة في العالم قراراً روسياً مستقلاً سيعول عليه كثير من دول وشعوب العالم؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية