تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


داعمو الإرهاب..هل يتعظون؟

حدث وتعليق
الأربعاء 15-6-2016
ناصر منذر

من المفارقات الهزلية الأميركية، أن مسؤولي الإدارات المتعاقبة يستميتون في دعم الإرهاب، والمساهمة في تفريخه وتصديره إلى مختلف بقاع الأرض،

واستخدامه كأداة قذرة يحققون من خلالها أهدافهم العدوانية ضد شعوب وحكومات الدول التي تناهض سياساتهم، وبنفس الوقت يتبجحون عبر الإعلام، بكل المناسبات أنهم يحاربون الإرهاب، لحماية العالم من خطر تلك الآفة، ويطالبون حتى حلفاءهم من رعاة الإرهاب بوقف تمويلهم للإرهابيين، في محاولات مكشوفة لتبييض صفحاتهم السوداء الملطخة بدماء الشعوب.‏

الهجوم «الداعشي» الذي استهدف فلوريدا الأميركية، وإن كشف حقيقة أن الإرهاب لا بد وأن يرتد إلى داعميه، لكنه أعاد التأكيد مجددا على مدى النفاق الأميركي، في محاولات التملص من المسؤولية، واستثمار تداعياته لمصالح ذاتية، وهذا ما ظهر بشكل جلي من خلال التنديد المصطنع للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بالدور السعودي والقطري والكويتي في التمويل العالمي لايديولوجيا التطرف، ومطالبتها أنظمة تلك المشيخات بالتوقف عن تمويل المتطرفين، متجاهلة دور بلادها الرئيسي في دعم الإرهاب، خاصة وأنه سبق لها وأن اعترفت في مذكراتها «خيارات صعبة» التي نشرتها مؤخرا بأن إدارة بلادها أسست داعش من أجل تقسيم الشرق الأوسط.‏

لا أحد يستطيع إنكار الدعم الخليجي للإرهاب، ولكن المضحك في الأمر أن الأجراء الأميركيين، وبالإضافة إلى أدوارهم الوظيفية، فإنهم يستخدمون أيضا كمداس أو شماعة، أوحتى كمماسح لتنظيف الغسيل الأميركي الوسخ، ومن دون أي اعتراض، ما يؤكد أن وجود أولئك الأتباع مرهون فقط بمدى استعدادهم لتنفيذ الأجندات والأدوار المرسومة، وتحملهم وتقبلهم للتقيؤات الأميركية.‏

هجوم فلوريدا تأكيد آخر على أن أي دولة تشرعن الإرهاب، وتغطي التنظيمات الإرهابية سياسيا، وتمنحها ملاذات آمنة، لا بد وأن تتعرض لارتداداته العكسية، وهذا ما حصل في فرنسا وبروكسل وتركيا والولايات المتحدة، فالإصرار الغربي على التمسك بالإرهاب والاستثمار فيه، وتقسيمه بين «معتدل» يجب دعمه، و»متطرف» يجب محاربته، لن يجلب سوى المزيد من المآسي حتى لشعوب الدول الراعية، ودول العالم لا يمكن أن تصبح أكثر أمنا إلا بامتلاك الإرادة الجماعية الجادة للقضاء على تلك الآفة، فهل تتعظ أميركا، وهل تلزم نفسها أولا، وأجراءها ثانيا بالتوقف فعليا عن دعم الإرهاب والتطرف؟.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية