تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اللاوعي أرض الأسطورة الخصبة

كتب
الاربعاء 14-4-2010م
باسم سليمان

لكل شعب أساطيره ولكل فرد أساطيره الخاصة ولا يستطيع أحد أن ينكر دور الأساطير في المندمجة في حياتنا اليومية وفي مسيرة الحضارة البشرية في تظهير الجانب اللاوعي الجمعي للنفس البشرية

من حيث أن الأسطورة هي رموز محكمة ثقافية في زمان ومكان معين من حياة البشرية تجد أرضها الخصبة في الرموز الناتجة عن «الصورنموذج البدئية» التي هي تمظهر نفسي للنماذج الالبدئية في النفس البشرية من حيث أن هذه النماذج الالبدئية ليست أسباباً تحدد بقدر ما هي شروط تملك أثرا إيحائيا إيجابيا تدفع للعمل ولكن لا تحدد مسيرة العمل الذي يبقى جوهره في الخبرة الحياتية للفرد والمجتمع.‏‏

والأسطورة تجد بنيتها في البطانة المكونة لها مثل المجتمع والثقافة والدين والفرد , فتصبح الأسطورة هي الصورة المحكمة ثقافيا لهذه البطانة وتلعب دورا تعويضيا بحيث تجعل الجوانب غير المدركة والمهملة في النفس البشرية المستبطنة في الفرد والمجتمع أكثر قدرة على التعبير عن ذاتها ونقلها من اللاوعي إلى الوعي المدرك ,فتلعب دورا تعويضيا يوازن الفرد والمجتمع في حياته النفسية, فتمثل الأسطورة لا يعني الاندماج فيها نهائيا بل قبول تأثيراتها واستيعابها كي تحقق الفائدة المرجوة منها .‏‏

و يونغ عالم النفس السويسري هو الأب الشرعي والمؤسس لعلم نفس اللاوعي الجمعي كما كان فرويد مؤسس التحليل النفسي ويونغ هو أحد تلامذة فرويد الذي شق لنفسه طريقا خاصا بعيدا عن أستاذه وامتاز بأنه نظّر للأسطورة من خلال النموذج البدئي ولكن من خلال التجربة والخبرة وما تنتجه من ملاحظات ,فيونغ لا يملك فلسفة قائمة في ذاتها عن التحليل النفسي لللاوعي الجمعي بقدر ما يملك التجربة التي قادته لأطروحاته وهكذا كان يرد على معارضيه الذي يطلبون منه إثبات النموذج البدئي الذي يمتح من اللاوعي الجمعي : إن المشكلة لا تكمن في إثباته بقدر ملاحظة وجود أثاره بشكل جلي تلعب دورها الرئيس في حياتنا.‏‏

يونغ وتلاميذه الذين اشتغلوا على مفهوم النموذج البدئي والذي يمكن القول عنه : إنه شكل نتوارثه- إن صح القول من حيث أننا نتوارثه- لا نتوارث مضمونه الذي يتعدد بكثرة الحالات البشرية و يجد وجوده في هذه النفس البشرية التي تطورت بهدوء عبر صيرورتها في تاريخها الذي تعيشه على هذا الكوكب وهو ينتج كما هائلا من تلك «الصورنموذج البدئية « كالحب مثلا , فعندما نقع بالحب نبدو غير مدركين سبب وقوعنا فيه ولكن بالنظر للنموذج البدئي « الإنيما والإنيموس» أي الأنوثة والذكورة التي تتكوكب, عندما يوجد شخص «مثيرا جنسيا» والإثارة هنا لها جانبها البيولوجي والنفسي أي الإيحاء الذي يشترطه النموذج البدئي سواء بيولوجيا ونفسيا فيتمظهر في الحب الذي هو صورة النموذج البدئي المدرك من قبل الشخص المحب والذي يأخذ رموزا كصورة القلب ومن ثم أسطورة كروميو وجوليت وهنا تتجلى الأسطورة في دورها التعويضي حيث تغذي التجربة البشرية للمحب وتجعله أكثر إدراكا لها وبالطبع هي غنية بغنى التجارب البشرية اللامحدودة .‏‏

ويؤكد مؤلف الكتاب ستيفن .إف ووكر: إنه في بحثه هذا لم يعتمد على الكتب التي ألفها يونغ فقط بل يمتد إلى مراسلاته وأجوبته عن الأسئلة التي كانت تطرح عليه ونتاجات غيره من اليونغيين لكي يقدم للدارس ليونغ مفاتيح الدخول لعالم الأسطورة والنموذج البدئي , حيث أن يونغ عمل دوما على مراجعة مفاهيمه وتطويرها واستقصاء مجاهيلها , فكثيرا ما خلط يونغ واليونغيون بين النموذج البدئي وصورة النموذج البدئي بحيث لا تدرك الفرق إلا من السياق وهذا ما سبب إشكالات كثيرة لدارسيه لذلك عمل يونغ في سنواته الأخيرة على توضيح هذا المفهوم وفق الخبرات الجديدة والتجارب والملاحظات ولكنه تركه مفتوحا على الاحتمالات من حيث أن النموذج الالبدئي تقريبا هو شيء ميتافيزيقي لا نقع منه إلا على آثاره لكن هو موجود .‏‏

يونغ واليونغيون والأسطورة تأليف ستيفن . إف ووكر ترجمة جميل الضحاك صادر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب لعام Bassem-sso@windowslive.com ">2009‏‏

Bassem-sso@windowslive.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية