|
الكنز خاصة وأن عشرات إن لم نقل مئات المنشآت الصناعية المتوسطة والكبيرة كانت قد خرجت خلال السنوات الأخيرة من الأسواق ، نتيجة الفشل الذريع في تحقيق الجودة التي تشبع حاجات المستهلكين ، كما أن إحداث مجلس للجودة يندرج في إطار الجهود الرامية إلى إعادة تأهيل القطاع الصناعي إداريا وفنياً وتقنياً. وإذا كانت الظروف الذاتية غير المرضية التي تحيط بالصناعة الوطنية ، قد شجعت وزارة الصناعة على صوغ مشروع مرسوم المجلس الوطني للجودة ، فإن الانتقال إلى آليات اقتصاد السوق ، يشكل سبباً لا يقل أهمية عن الأول ، فالتحّول من هوية اقتصادية إلى أخرى ، لا يعني فقط رفع وتائر استيراد السلع والمنتجات وتحويل الأسواق المحلية إلى ميدان تسرح وتمرح فيه البضائع المستوردة ، وإنما ثمة استحقاقات أخرى، تستوجب بذل الجهود قولاً وعملاً من أجل ترجمة مقولة أو يافطة صنع في سورية و الوصول بالمنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية، ... وبالمناسبة فإن هذا الاستحقاق لا يتطلب فقط التباهي كما هي العادة ، بتوفر المواد الأولية والأيدي العاملة الرخيصة ، وإنما ثمة حاجة وأولوية لتطوير كل ماله علاقة بالمنظومة الوطنية للجودة ومحاكاة مثيلاتها القائمة في بلدان العالم ، فدروس الماضي القريب وحتى الحاضر الراهن ، تشير إلى أن بعض الصناعيين كان قد أبرم عقوداً وصفقات لتصدير بعض السلع إلى بلدان عربية وأوروبية ،غير أن ذات السلع كانت تعاد بعد انقضاء أيام أو أسابيع إلى مصدرها أي إلى صاحب المنشأة ويتم فسخ العقود نظراً لمخالفتها المواصفات والجودة المتفق عليها ، ما يعني أن أولى أبجديات اقتصاد السوق ستبقى ممثلة بالجودة ، وأما العبرّة ، فهي في القدرة على الصمود بوجه المنافسة. ولعلّ الأمر الذي ينبغي أخذه في الحسبان منذ الآن ، أن إحداث المجلس الوطني للجودة ، لا يعني أن مسؤولية الارتقاء بالصناعة الوطنية تقع على المجلس حصراً ، وإنما هي مسؤولية الجميع ، بدءا من غرف الصناعة والتجارة وليس انتهاءً بالقائمين على المنشآت الصناعية وأيضاً هيئة تنمية الصادرات ، فهذه الأخيرة مجتمعة ، يفترض أن تبادر وبالتزامن مع صدور مرسوم إحداث المجلس ، في صوغ رؤية تشير إلى إمكان البدء بخطوات جادة من شأنها الإسهام في إعادة الألق إلى الصناعة الوطنية التي تواجه تحديات لاتحسد عليها أبداً. |
|