تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فــن إهـداء الكـتب هــل هو ودّ أم مخاتلـــة؟

عن لوفيغارو
ثقافة
الأربعاء 14-4-2010م
ترجمة- مها محفوض محمد

على موعدهم التقوا كتاباً ونقاداً وقراءً في معرض الكتاب السنوي في باريس بدورته الثلاثين هذا العام الذي انتهى منذ أيام.

وكان الملتقى السنوي لمن يحبون القراءة ولمن أرادوا التوقيع على مؤلفاتهم حيث انتشر حوالي ألف «ستاند» امتلأت بمئات الكتاب جلسوا ينتظرون الزوار لإهدائهم النسخ التي اشتروها ، وقد التحق بهم هذا العام عدد كبير من الصحفيين والمراسلين أيضاً للتوقيع على تحقيقاتهم التي شدت قراء الصحافة، ويبدو أن السبق كان لصحيفة الفيغارو هذا العام حيث التقى القراء الصحفيين العاملين في كل المجالات .‏

وبهذه المناسبة اغتنم مدير تحرير الشؤون الثقافية والسياسية إيتيين مونتيتي في الصحيفة الفرصة للحديث عن الإهداء وفنونه في افتتاحيته بالقول:‏

علينا أن نكتب مقالات عن الإهداء وأن نسهب في الكتابة عن فن التوجه إلى الآخر الذي يمارسه الكتّاب.. بجميع أجناسهم ويتفننون بأشكال كتابته. وأكثر مانشهد ذلك في معارض الكتب. ونتساءل منذ متى وإلى أي عهد تعود هذه الإهداءات هل كانت موجودة زمن فولتير وستاندال وفلوبير لتصل إلى كبار كتاب عصرنا اليوم؟.‏

المهم أن نستطيع التمييز بين إهداء وإهداء : فهناك إهداء يتم في دور النشر والقسم المخصص للإعلام والدعاية وهناك إهداء يتم في معارض الكتب.‏

النوع الأول موجه بشكل أساسي إلى النقاد أو لجان التحكيم وهدفه جذب الأنظار إلى المنتج وحسن الالتفات من النقاد ولجان التحكيم وهو على الأغلب إهداء ودي فيه كل الاحترام وإن كان بعضه لايخلو من التزلف والتملق إلى هؤلاء.‏

لكن يجب الانتباه إلى مايصل إليه البعض من مبالغات أحياناً، ولأصحاب المواهب في الرسم فنونهم أيضاً في التوجه إلى الآخر فقد تغدو إهداءاتهم صفحات من الزخرفة ومن أشهر الذين برعوا بقلمهم الملون اليوم آنا كافالدا وكليمنس دوبيفيل فأقلامهم ذات رونق.‏

أما الإهداء في معارض الكتب فهو أكثر حساسية لأنك عندما تكتب لزبون مشتر يقف أمامك ولاتعلم عنه شيئاً هنا يدخل المكر من الباب الواسع، وغالباً مايحاول بعضهم المساءلة للحصول على بعض المعلومات بطرح سؤال بسيط إلى من سيكتب الإهداء، وهنا لابد من الانزلاق بلباقة في عملية ابتذال قيّض لصاحب الإهداء أن يكون على موعد معها.‏

فيعبر عن مودته لمن لن يراه بعد تلك اللحظة إذاً هو ود دون غد. ولاننسى أن جلسة الإهداء تشكل جزءاً من برنامج الكاتب بل من نشاطه وربما تحسب من ساعات عمله. كما أنه لابد لي أن أذكر أنه في عالمنا الأدبي اليوم هناك بعض الهواة من الكبار الذين يحاولون تقليد خط أدباء مشاهير مثل سيمون دوبوفوار وبيكيت في إهداءاتهم على صفحات كتبهم علّ ذلك يرفع ثمنها لدى الباعة وهذا مافعله باتريك موديانو وقاله صراحة لمجلة الأكسبريس أيضاً كم من كاتب جريء يحمل إليه أصحاب الكتب المستعملة روايات قديمة قد تحمل توقيعه أو توقيع غيره، وعليه فقد تتفتح القريحة لدى الكثيرين ممن يريدون التقليد فيسطرون كلمات منمقة وإهداءات وهمية كأن يوجهوا إلى شخصيات معروفة مثل جاك شيراك وجورج بوش وسلوبودان ميلوزفيتش وإلى طوني بلير ...الخ...‏

وقد حدث ذلك كثيراً في تسعينيات القرن الماضي. طبعاً لم ينطلِ ذلك إلا على الناس السذج أما المهووسون بالشهرة فقد يسهل إغراؤهم .‏

إذا سيبقى الأدب مرة أخرى ميداناً للغرابة والمخاتلة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية