|
من داخل الهامش ذلك ان الصراع إن صحت التسمية لم يعد حكرا على الأدوات الذاتية أو العناصر المكونة للطرفين، بقدر ما هو إرادات وعوامل خارجية دخلت بكل وضوح. العامية والفصحى تتناوبان على طرح الإشكالية وكل يقف على مفترق طرق وخلفهما تتهيأ البنادق والخنادق استعدادا للحظة الحسم التي تبدو أبعد من أي وقت مضى. ويأتي التوقيت ومن ثم الطريقة وصولا إلى الغاية والهدف ليصبح المشهد عبارة من طلاسم لا تكاد تفرق بين الجاني والمجني عليه. هي أزمة لا تكاد تخلي مسؤولية أي طرف لكن خطورتها ليس في الطرف الذي يتحمل المسؤولية بقدر ما هي في النتائج التي أدت إلى افتعال كم لا ينتهي من المعارك التي يريد البعض أن يضفي عليها صفة الجانبية وهي في الحقيقة تبدو أساسية أكثر من أي شيء أخر. أخر فصولها المشتعلة اليوم هي تلك التي تدور حول معجم للهجات العامية السورية، حيث تلتهب الأسئلة حول التوقيت أولا والغاية ثانيا والجهة التي تقف وراءه ثالثا، ومن ثم تتالى تباعا الأولويات كما يريد لها البعض أن تكون ودون أي اتفاق في المدى المنظور على إلحاح تلك الأولويات. وبغض النظر عن الدفوعات المقدمة عن الخطوة ودون أن يكون ذلك إعلانا واضحا وصريحا بضعفها وافتقادها للحجة المقنعة، فإنها تثير كماً لا ينتهي من التساؤلات التي ستضاف إلى الأسئلة المثارة حول الاستهداف المتعمد للغة الفصحى وآليات التعاطي معها، خصوصا ما يدور منها في كواليس البحث بأي ثمن عن تسويق لتلك الدفوعات التي تتجه نحو مأزق لا فرار منه. لكن ليست الأزمة في مأزق تلك الدفوعات، وإنما فيما تفرزه من اصطفاف لن يقف عند حدود المساحة التي يشغلها اليوم، وإنما في الحيز الذي حجزته مسبقا لها عوامل وأدوات هي بالأساس خارج السياق البريء الذي يقدمها. والأخطر أن الاصطفاف سيأخذ شكلا من الصعب تبرئة المتمرتسين خلفه حتى لو كانت النوايا الطيبة تغلفه، فالمحكية جاءت لتعيش حيث هي وأي نقل لها خارجه قد يزرع فيه وفيها الكثير من الاعتلالات . |
|