تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية.. بلد الزيتون المقدس!!!

علوم وبيئة
الثلاثاء 23-10-2012
سورية تعد منذ القدم بلد الزيتون وموطنه الأصلي قبل 6000 سنة قبل أن ينتشر في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث ظهرت شجرة الزيتون لأول مرة في سورية،

في مملكة ايبلا التي كانت تقع في شمال سورية (منطقة حلب حاليا).ومنها نقل الرومان زراعة هذه الشجرة إلى إسبانيا وبقية دول حوض البحر المتوسط وبسبب كون الماضي والحاضر يتعانقان دائما في سورية فقد احتفظت شجرة الزيتون بموقعها الرائد بين الأشجار المثمرة التي تزرع فيها.‏

الإنسان عرف هذه الشجرة منذ اقدم العصور واستمتع بمنظرها وتلذذ بطعم ثمرها الاخضر وزيتها الشهي الذي يعطي للطعام نهكة خاصة فباتت رفيقة درب الانسان ومصدر رزقه في كثير من الاحيان فهي شجرة معمرة وقد يصل عمرها في بعض الاحيان إلى مئات السنين وليس من الغريب ان يتغنى الشعراء والكتاب بشجرة الزيتون التي تعد اغصانها بحق رمزاً للسلام والخير والمحبة بين الشعوب .‏

شجرة الزيتون شجرة مـباركة تنتمي إلى عائلة الزيتيات معروفة منذ القـدم لشهرة زيتونها وزيتها. لقد اكتشف أن قدماء المصريين كانوا يستعملون زيت الزيتون في التحنيط ويعتبرون أن غصن الزيتون رمز للقوة الأبدية وكان الإغريق يجدلون غصون الزيتون الغضة كأكاليل توضع فوق رؤوس الفائزين في الدورات الأولمبية.‏

ومن المسلم به اختلاط تاريخ الزيتون بتاريخ حوض البحر المتوسط وأنه يشكل جزءاً هاماً من حضارة وثقافة شعوب هذه المنطقة.ولقد قدست الديانات السماوية والحضارات الإنسانية شجرة الزيتون كما خلدها الشعراء والفنانون في أعمالهم.‏

وتعتبر الشواطئ المتوسطية لسورية و فلسطين موطناً أصلياً ومهداً لنشأة شجرة الزيتون و منها انتشرت إلى بقية بلدان العالم. من المؤكد أن شجرة الزيتون وجدت منذ العصر الحجري أي قبل أكثر من /12/ ألف عام و أصبح جلياً كذلك أنه في الألف الثالث قبل الميلاد كانت في كل من سورية وفلسطين مزارع زيتون مستثمرة. كما اكتشفت أغصان و بذور زيتون في آثار إيبلا في إدلب،كما وجدت في قبور الفراعنة بمصر وتعود لأكثر من 1500 عام قبل الميلاد وهنالك دلائل أكيدة أيضاً على وجودها في تلك الفترة في الواحات الليبية و على ضفاف بحر إيجة في تركيا و اليونان.‏

ويسجل التاريخ أن الفينيقيين نشروا هذه الزراعة ابتداءً من القرن السادس عشر قبل الميلاد إلى الجزر اليونانية و استمر بعد ذلك حتى بلغت أهمية كبرى في عهد (صولون) في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.‏

واعتباراً من القرن الحادي عشر قبل الميلاد ،أي في عام 1030 دخل الزيتون إلى اسبانيا، ولأول مرة بواسطة الفينيقيين سادة البحر آنذاك, و انتقلت زراعة الزيتون في القرن السادس قبل الميلاد إلى شواطئ متوسطية عديدة عبر الشواطئ الليبية و التونسية و ساهم الرومان في نشرها في حوض المتوسط و اعتبروها سلاحاً في أيديهم كعامل استقرار للسكان, أما العرب المسلمون فقد كان لهم دور هام في نشر و تطوير هذه الزراعة حيث نقلوا أصنافاً عديدة من الزيتون إلى ضفاف المتوسط الأوربية و خاصةً إلى اسبانيا.‏

يعتبر الزيتون إحدى أهم الزراعات و أقدمها في سورية، الموطن الأصلي لشجرة الزيتون.‏

فقد بلغت المساحات المزروعة بالزيتون في سوريا حوالي/500/ ألف هيكتار وبلغ عدد الأشجار ما يزيد على 70 مليون شجرة، منها حوالي 60% في طور الإثمار والباقي هي أشجار فتية لم تدخل طور الإثمار بعد. وتنتج سورية سنوياً حوالي/150/ ألف طن من زيت الزيتون.‏

تتمركز زراعة الزيتون بشكل رئيسي في المناطق الشمالية و الغربية ( حلب – ادلب – اللاذقية – طرطوس ) و تلقى انتشاراً واسعاً في المناطق الجنوبية و الوسطى (درعا – السويداء – القنيطرة – ريف دمشق) و بشكل أقل في المناطق الشرقية ( الرقة – دير الزور – الحسكة) و هناك عشرة مراكز لإنتاج غرس الزيتون , تنتج سنوياً 4 ملايين غرسة توزع على الفلاحين بأسعار رمزية.‏

وتتمتع سورية بثروة من أجود أصناف الزيتون بعضها مخصص لاستخلاص الزيت والبعض الآخر لتحضير زيتون المائدة وثالثة ثنائية الغرض وأهمها:الصوراني والزيتي والخضيري والجلط والمصعبي والقيسي والدعيبلي (الدرملالي, التمراني) والمحزم, عبادي أبو غبرة, أبو شوكة,وأصناف أخرى متنوعة.‏

وتقع سورية اليوم في المركز الثاني من حيث الإنتاج على مستوى الوطن العربي،والمركز السادس على مستوى العالم ،وتأتي أهمية هذه الزراعة من كون شجرة الزيتون تمتاز بقدمها وطول عمرها وجودة عطائها،وهي بحكم تركيبها الفيزيولوجي والمورفولوجي من أكثر الأشجار تحملاً لظروف البيئة،فهي تنمو في الأراضي الأقل خصوبة(الهضابية منها والمحجرة ) كما أنها تزرع بعلاً في ظروف مطرية محدودة يصعب على الزراعات الأخرى تحملها .‏

ومؤخرا كشفت دراسة جديدة أن زيت الزيتون البكر يمكن أن يحمي الكبد من الأمراض التي تصيبه من آثار الاكسدة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية