|
مسرح
يقول الناقد محمد مسعد يحيى: مع التطورات التي لحقت بمفاهيم التفكير المسرحي والمتمثلة في الغزو البطيء لقيم الحداثة.. تحولت المشكلة (مشاركة المرأة في المسرح) من مشكلة كمية إلى مشكلة كمية/ كيفية.. وتحولت التساؤلات إلى صلب العملية المسرحية ومكانة المرأة داخل العملية الإبداعية.. وهو ما برز عبر تفهم الكثير من المبدعين والنقاد لدور المرأة في العملية المسرحية.. ويضيف يحيى.. لم تعد القضية تتوقف عند التهليل لنورا (بيت الدمية) عندما تصفع الباب خلفها في غضب، بل التساؤل عن قيمة فعلها، وما يتوجب عليها فعله في مجتمع تسوده أفكار وتصورات شديدة القسوة والعنف، وهل ستمتلك من الشجاعة ما يؤهلها للمطالبة بالمزيد.. أم لا؟!.. لقد كشفت تلك الأسئلة وغيرها.. عن الأزمات الخطيرة داخل الأفق المسرحي والمجتمعي.. إن الإرث الثقافي والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية العنيفة للمجتمع العربي.. والتي يحياها وتعصف به من جذوره.. كل هذا أوجد شبكة ضخمة ومعقدة من القيم والعلاقات التبادلية تتنوع بين تسليح المرأة وتحويلها من كائن بشري إلى موضوع للإثارة الجنسية... وبين الحد الثاني للتمسك بالقيم الدينية. وكما في الحياة بقيت المرأة على هامش الفاعلية الحقيقية.. نكتشف أن الواقع قد أسقط تلك المفاهيم الهامشية على الحركة المسرحية، حيث للمرأة سواء على المستوى الإبداعي أو التنظيري هامش شديد الضيق يزداد ضيقاً إذا ما كان هذا المستوى الإبداعي متمثلاً في الإخراج والتأليف، وهي عمليات إبداعية شديدة الهيمنة على اللعبة المسرحية مكن القائمين عليها من احتلال موقع متقدم للعملية المسرحية. نحن أمام أزمة حقيقية كما يقول الناقد يحيى... أزمة تمتد من المجتمع إلى المسرح، وتتعلق بموقف اجتماعي من الفن، وبتحديد مفهوم المبدعة (الممثلة بشكل خاص. وهي عملية إبداعية لا تقدم للمرأة سوى الصورة التي يقبلها المجتمع. ولا يحدث التصادم إلا في أضيق الحدود وباستخدام الوسائل الثقافية والموغلة في الحذر. لكن هذه الحدود التي أفرطت في وصفها ليس سوى حدود تنظيرية للتحديد ليس إلا كما يقول يحيى... فعلى أرض الواقع نرى حدوداً مرنة مرتبطة بالواقع.. والظروف الاجتماعية المتغيرة.. فدور ومساحة وحجم الإبداع النسائي واقعياً.. ورغم ضيقها فإنها لا تخضع بالمطلق للشروط القاسية (الاجتماعية- والثقافية). فهناك حركة تحاول دفع المرأة إلى المشاركة الفاعلة في حركة إنتاج العملية المسرحية على المستوى النقدي والإبداعي. فعلى المستوى النقدي.. حملت بعض الناقدات (د. نهاد صليحة) لواء الدفاع والدفع لحركة النقد والإبداع النسائي، وحمايتها من المهاجمين.. ولكنها تغالي أحياناً في دفاعها إلى الحد الذي يصل إلى درجة التناقض بين الإبداع على أرض الواقع، والنقد المغالي في تقدير ذلك الإبداع تحت مسمى دفع وتشجيع تلك الحركة، ما يؤدي إلى نتائج عكسية متمثلة في سخرية البعض المبالغ فيها من الإبداع النسائي وبالتالي تحقيره ورفضه بمجمله. لا توجدموانع أو مواقف رافضة لوجود المرأة (على مستوى الإخراج والتأليف) وتكاد تكون التحديات نفسها مع المبدع الذكر.. لكن المجتمع بما يطبعه في عقل وذهن المرأة يجعلها أكثر هشاشة أمام حواجز إنتاج العرض وتقديمه للجمهور، ما لم يكن فريق العمل متماسكاً ودافعاً للمبدعة، وهو ما يصعب وضع ضامن له. ويكاد يكون إصرار المخرج/ المخرجة وقدرتها الإبداعية القيادية /الفردية/ هي الفاصل داخل العملية المسرحية. إن المشكلة وكما يراها الناقد.. تنبع من قيم اجتماعية (تشكل نفسية) المبدعة وتحد من حريتها في التحرك. ترهبها أحياناً، وتجبرها على الابتعاد عن المناطق الشائكة والوسيط المحيط يساهم وعبر قيمه المتخفية تحت الجلد في تنمية ذلك التشكيل النفسي/ الفكري عند المبدعات (حتى لو نجحت قلةمن التجارب في الإفلات في بعض الأحيان.. وتحت ظروف خاصة. ومع ذلك.. لقد تمكنت المرأة من تجاوز كثير من المشكلات /ذاتية- تراث/ وأصبحت قادرة على معايشة واقعها دون أن تتحرك حاملة لأثقال ومخلفات من الماضي. |
|