تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خَطٌ على الورق...الرقص مع الذئاب

ثقافة
الثلاثاء 23-10-2012
أسعد عبود

لا أنوي أن أقدم هنا نقداً للرائعة السينمائية الشهيرة بهذا الاسم، ولا أنا بصدد الهجوم على الذئاب لأنني أخاف .. أخاف كثيراً.. وأشعر أن الخوف حق إنساني لي، لايستطيع أحد أن يتهمني عليه بأنني جبان مثلاً! هناك فرق كبير بين الخوف والجبن، حتى إنه من الدروس المستفادة من فلسفة القائد

النازي «غوبلز» في الدعاية والدعم النفسي للجند، أنه كان يوصي بالحفاظ على قليل من الخوف عند الجندي لايصل حد الجبن.‏

على كل حال لا أريد لفلسفة غوبلز أن تنقذني من احتمال التهمة، أنا أخاف وفقط، ودائماً سأكره الموت وأحب الحياة، دائماً سأكره الخطأ و أحب الصحيح ما يبعدني عن المغامرة غير المحسوبة.‏

من الذئاب الضارية ما لا يعيش في غابة، ولا يسكن لبوس الوحش، على العكس من هذا وذاك، قد يسكن قمة المدنية والتحضر، ويغري بالمعاشرة لعلّ شيئاً مما لديه ينتقل للضعيف المستجير به، لكن ليحذر الضعفاء الذين يمضون في الحياة بقوة إرادتهم تقديم أوراق اعتمادهم في محفل للذئاب وأن يتنازلوا عن فعل الإرادة في تملكهم قرارهم.‏

في الغابة تستطيع «شاة بقرون حادة» أن تدافع عن نفسها أمام الذئب، وتخليها عن استخدام قرونها والاستعاضة عنها بتقديم أوراق اعتمادها لدى الذئاب، لن يجعلها إلا شاة لكن من دون قرون.‏

أنا في القرن الحادي والعشرين، ولا أعتقد أنني بحاجة للغة الحيوانات لأمرر ما أريد، أخاف ذلك، ومبعث الخوف هنا هو الخجل يعني بالعربي الفصيح أخجل من ذلك، وسأنتقل للمباشرة، حتى ولو أشعرت صديقي رئيس التحرير ببعض الحرج إذ أتحدث عن شأن فلسطيني. أعلم أن إعلامنا يفضل على الغالب، عدم التعرض لهذا الأمر إلا في إطار إظهار الاهتمام بالقضية والمقاومة.‏

هل تذكرون القضية إذ منظمة التحرير الفلسطينية حركة مقاومة ببندقية و إرادة، كانت ذات شأن عظيم، مهابة...محترمة... قادرة.. وفاعلة. ثم عدلت عن ذلك كله لتقدم أوراق اعتمادها لدى الذئاب فكان ما كان.‏

ومن مشاعر الخيبة وأحاسيس الغدر التي تعرض لها الفلسطينيون في محفل الذئاب، وبتأثير بقايا إرادة ولدت منظمات أخرى للمقاومة.. ودون أي شك حظيت باحترام فلسطيني وعربي و دولي أيضاً وإن لم يعلن.. لكن وبكل أسف عادت ووقعت بالخدعة ذاتها؟! وحلمت بالنوم في أحضان الذئب.‏

اكتسحت حركة فتح انتخابات الإدارة المحلية في الضفة الغربية، وستكتسح الانتخابات التشريعية عندما تجري، فإذا كانت حماس ومن في صفها تسعى مسعى فتح، من سيترك الأصل ويختار التقليد؟!.‏

الخسارة ليست لحماس ولا للجهاد ولا لفتح، الخسارة منذ أوسلو وحتى اليوم، وقبل أوسلو، منذ التوجه لمحافل الذئاب، هي للقضية الفلسطينية التي كانت يوماً القضية العربية.. بإرادة فلسطينية وبمؤامرة عربية، فرطت عروبتها وتفرق العرب الذين كانت تجمعهم من حولها.‏

إلى غزة يصل قريباً حمد بن خليفة ومعه ما يكفي لتصفية الحكاية وليبقى القول كله لمحفل الذئاب.‏

أقول ذلك بعيداً عن أي تدخل في شأن فلسطيني إلا من حيث هو شأن عربي يعنيني.‏

as. abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية