تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النفط ودوره على الصعيد الدولي

شؤون سياسية
الثلاثاء 23-10-2012
هيثم عدرة

التهديدات المستمرة بقيام ضربة عسكرية ضد إيران تجعل المخاوف تزداد حول طرق الإمداد بالنفط على سائر أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين في هذا الإطار واضحة

وهي إغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة في حال تعرضها لأي هجوم , وهذا يعني قطع الطريق التي تؤدي إلى الامدادت النفطية , إضافة إلى أن جميع القواعد العسكرية في منطقة الخليج هي لن تكون بعيدة عن الضربات الصاروخية الإيرانية .‏

كل هذه المعطيات تجعل أسعار النفط تتأرجح عالميا بين صعود تارة وهبوط تارة أخرى , وتوقعات المراقبين بشأن واقع سوق النفط على الصعيد العالمي تتراوح بين احتمال ارتفاع الأسعار في العام الحالي إلى مستوى يجعل الجميع يصاب بصدمة أو الاحتمال الآخر هو الانخفاض بالأسعار إلى درجة كبيرة أيضا ,والبعض يرى أن السعر الحالي للنفط مبالغ فيه كثيرا بسبب القيام بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران والمخاوف المرتبطة بإغلاق مضيق هرمز الذي‏

تمر منه قرابة ثلث الصادرات بالناقلات العملاقة , وتفيد بعض التوقعات أن توقف إرساليات النفط من منطقة الخليج ولو لوقت قصير يمكن أن يرفع أسعاره بشكل كبير , والبعض الآخر يرى أن هنالك عوامل يمكن أن تفضي على العكس إلى هبوط أسعار الذهب الأسود في البورصات , وتعرب الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عن استيائها من ارتفاع أسعار النفط لدرجة كبيرة, وتفكر في إمكانية فتح احتياطياتها الاستراتيجية الكبيرة جدا , وبسبب حالة الأسعار ورغبة اوباما في تقليل اعتماد الولايات المتحدة على الإرساليات الأجنبية يعمل الأمريكيون أيضاً على توسيع أعمال الحفر والتنقيب في جرفهم القاري .‏

هذا يجعلنا نتحدث عما تقوم وتخطط له الولايات المتحدة بشأن تقنية استخراج الغاز والنفط , مايسمى بالصخور الزيتية, كون ذلك سيحدث تغييرا جذريا في أسواق الطاقة إذ تمس بمصلحة الدول المصدرة للطاقة التقليدية, والسؤال الذي يطرح نفسه هل يتاح لكل من الولايات المتحدة والصين التقليل من تبعيتهما لاستيراد النفط في حال تم تعميم هذه التكنولوجيا ؟ أم إن نفط الصخر الزيتي غير قادر اليوم على التنافس والتلويح بمستقبله المشرق لايزال من بنات الخيال .‏

بفضل التقدم التقني في الولايات المتحدة التي هي المستهلك الرئيسي لموارد الطاقة في العالم ازداد كثيرا في السنوات الأخيرة استخراج الغاز من الصخور الزيتية حتى اخذ البعض يتحدثون عن ثورة غاز زيتي وشيكة تغدو أمراً ممكنا مع بدء استخراج كميات كبيرة من النفط أيضا من الحجر الزيتي , وتجدر الإشارة إلى أن احتياطيات الصخور الزيتية بحسب تقدير خبراء الجيولوجيا موزعة بالتساوي تقريبا على سطح الأرض , خلافا لحقول النفط والغاز العادية , ولذا تغدو تلك الاحتياطيات في متناول معظم بلدان العالم لغرض الاستخراج والتكرير والتصفية .‏

في حال نجاح تطوير هذا الاتجاه الاستخراجي يمكن أن نتوقع في الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية تغييرات جدية نظرا لاحتمال هبوط أسعار النفط والغاز المستخرجين بالطرق التقليدية , وبالتالي يمكن أن تتعرض مصالح المصدرين الرئيسيين لموارد الطاقة للخطر, إلا أن ثمة من يقول إن تطوير استخراج النفط والغاز من الصخر الزيتي في السنوات القريبة القادمة لن يؤثر كثيرا على السوق العالمية للمحروقات , وذلك لعدم وجود تقنيات رخيصة نسبيا لهذا النوع من الاستخراج حتى الآن , وحتى لو ظهرت تلك التقنيات قريبا فإن استخراج الوقود من الصخور الزيتية ينطوي على مجازفات بيئية كبيرة جداَ, ومن المستبعد أن تقدم الولايات المتحدة أو الدول الغربية على تلك المجازفات, ولذا فإن التوقعات بشأن قدرة نفط وغاز الصخور الزيتية على المنافسة فيها مبالغة كبيرة على الأرجح , إلا أن الضجة التي تثار حول هذا الموضوع تعكس تطور قطاع الوقود والطاقة من الاقتصاد العالمي لجهة تنويع مصادرهما , وفي كل الأحوال سيساعد التطور التقني على إعادة بناء السوق العالمي لموارد الطاقة .‏

بكل الظروف رغم التوتر الذي لايزال قائما في الخليج , نسمع توقعات بأن أسعار النفط العالمية ستتراجع , ومما له دلالته أن توقع هبوط الأسعار يتعارض مع الدعوات التي تكررت في الآونة الأخيرة لانتقال اقتصاد الدول الكبرى التدريجي إلى مصادر الطاقة البديلة المتجددة, وسبب هذا التعارض أن مشاريع الطاقة البديلة يمكن أن تكون غير مريحة في ظل أسعار النفط .‏

ويبدو أن موضوع النفط سيبقى رغم كل ماتحدثنا عنه هو هاجس لدى الولايات المتحدة وأوروبا في السيطرة عليه وعلى ممراته والدليل على ذلك أن منطقة الخليج هي بالنسبة للولايات المتحدة خط احمر كونها تشكل الأساس في موضوع النفط .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية