تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاحتكار ومعادلة العرض والطلب

منطقة حرة
الثلاثاء 23-10-2012
مروان دراج

ونحن على مشارف عيد الأضحى المبارك,وبالرغم من الظروف الاستثنائية, هناك من يتوجه إلى الأسواق لتأمين بعض ما يلزم من حاجات ضرورية ولو ضمن الحدود الدنيا من مأكل وملبس ومشرب,غير أن الأمر الذي لم يعد جديدا يتمثل في فوضى الأسعار التي نقلت عدواها إلى أغلب السلع والمنتجات,

ومن البديهي في مثل هذه الحالة أن يسأل المستهلك العادي عن مصير الوعود الحكومية في إمكان التدخل في الأسواق بهدف إلزام الباعة من أجل التقيد بأسعار محددة لجهة قوائم بعينها من الحاجات الأساسية التي يبادر المستهلك بشرائها بشكل شبه يومي..والسؤال المشروع بعد انقضاء ما يزيد على العام على هذه الوعود..ماذا عن الحصاد والنتائج؟‏

لسان حال شريحة واسعة من المستهلكين يشير أن لا شيء تبدل في مشهد ارتفاع الأسعار، وثمة من يسأل بكثير من الدهشة والاستغراب.. لا ندري ما هي هذه الوصفة السحرية التي ستجعل الباعة والتجار يلتزمون بقوائم سعرية تصدر عن وزارة الاقتصاد ما دام أن المرجعيات الرقابية سبق لها إعادة إنتاج مثل هذه الوعود غير مرة.. فعلى الرغم من أهمية ما صدر من تصريحات لفظية, هناك من شكك في إمكان تحولها إلى واقع مشخص على أرض الواقع وكان هذا التشكيك في مكانه ، ولعل السبب الجوهري والأساسي الذي شجع على هذا التشاؤم، أن الحكومات السابقة سبق لها أن فشلت في تقويم أداء الأسواق على رغم استقرار أسعار الليرة مقابل الدولار والعملات الأجنبية لأكثر من عقدين من الزمن.. بيت القصيد من كل ما نقوله، إنه وفي ظل تقلبات أسعار الدولار التي شكلت هاجساً مؤرقاً للمستهلكين خلال الأزمة الحالية ، فإن التجار وعلى وجه التحديد الذين يقومون بعمليات استيراد بعض السلع، لم يسبق لهم الإنصات إلى صوت الحكومة، وهؤلاء قد يجدون اليوم في فزّاعة ارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة مبرراً قوياً، وقد لا يتوانى البعض منهم في التهديد بالتوقف عن الاستيراد في حال عدم ربط الأسعار المحلية بالقيمة الفعلية للدولار.‏

من الواضح، أن خطة الحكومة للتدخل ليست مفهومة، ففي حال رغبت في تسعير السلع الأساسية مثلما كان واقع الحال قبل أكثر من عقد، فهي بهذه الحالة مطالبة أولاً في تحديد سعر صرف محدد للدولار وعلى أن يكون من نصيب التجار الذين يعملون على استيراد قوائم السلع والمنتجات المدرجة في قوائم وزارة الاقتصاد، ومثل هذا الحل ليس عملياً على الإطلاق ويمكن أن يشكل وسيلة جديدة للتجار للانتفاع والاستفادة منه دون أن يترك ذلك أثراً ايجابياً فعلياً على الأسعار المحددة سلفاً، وبالتالي يتعين البحث عن وصفات وتخريجات أكثر واقعية.‏

وببساطة، أن جزءاً لا يستهان به من ارتفاع الأسعار يعود في مسؤوليته المباشرة إلى تلاعب التجار الذين يمسكون بناصية الاحتكار، ولذلك لم يكن من العبث أو من باب المصادفة أن تخرج علينا بعض المنابر الإعلامية الرسمية بأخبار شبه يومية تشير إلى ضبط مئات من الأطنان مخزنة من هذه السلعة أو تلك، وفيما لو أخذنا بهذه الحقيقة التي لا يمكن نكرانها أو تجاهلها، فذلك يعني وببساطة، أن الداء الحقيقي ليس في غياب التسعير من جانب الحكومة ولا في غياب الرقابة عن الأسواق، وإنما في ضرورة إعداد خطة من شأنها وقف الاحتكار ومحاربته دون هوادة، والسبيل الوحيد إلى ذلك ليس بتسطير الضبوط بحق التجار ولا بإحالتهم إلى القضاء أو فرض غرامات مالية، وإنما بزيادة حجم العرض للسلع والمنتجات في الأسواق من خلال فتح أبواب الأسواق على مصراعيها لكل من يشاء من التجار في استيراد هذه السلعة أو تلك ، وبلغة أدق لا بد من جعل معادلة العرض تفوق الطلب,وهذا الأمر يعتبر من أبجديات ألف باء محاربة الاحتكار الذي لا يزال يشبه السيف المسلط على رقاب المستهلكين.‏

marwandj@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية