|
الافتتــاحية وفي الأفق الضيق الذي يعبّر عن إفلاس سياسي يضاهي إفلاسها الاقتصادي. «أرذل العمر» أوصل صاحب القرار الأوروبي إلى إقفال الماضي والحاضر على بوابة الاتهام، وأوصد على ما تبقى من حياء السياسة وخجل الدبلوماسية, ليلوح بعصا المقدرة على حجب الفضائية السورية ومعها قناة الدراما التي لم يُطق أن يراها تنقل نبض الحياة في سورية. المدهش ان السياسة الأوروبية ليست أسيرة أحكام جائرة اعتدنا عليها في السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والعلوم وكل شيء له علاقة بالتكنولوجيا، بل كذلك هي أسيرة اعتبارات تلك الحسابات العنصرية الفاضحة التي لا تريد لصوت الحياة أن يستمر بعدما عجزت عن إسكاته بالتهديد والوعيد وفشلت في النيل منه بأسواط الإرهاب ونماذجه التي افترشت المدن الأوروبية ونمت في شوارعها وفنادقها، وترعرعت في أحضان استخباراتها. من العقوبات الاقتصادية كأحد أشكال العدوان البائدة، إلى محاولة إسكات الصوت الذي يرفض أن يكون منصة لأطماعها، أو بوقاً يهلل لأمجادها الغابرة التي كنسها التاريخ منذ وقت طويل. نرى هذا النموذج العدواني المستحدث والمستجدّ في الأدبيات الأوروبية السياسية والإعلامية والدبلوماسية. الفارق أن حراب الأوروبيين وأذرعهم الممتدة في دماء شعوب المنطقة على مدى قرون طويلة لا تريد أن تعترف بالصدأ الذي وصل إلى جوهر القيم الأوروبية وشعاراتها، وما نراه ليس أكثر من قشور زائفة سرعان ما يصيبها العطب وتظهر على حقيقتها. التعويض الأوروبي ومحاولة الاستدراك تضع أوروبا في زوايا ضيقة وتحشرها أمام الحقيقة المرة التي تكابر في الاعتراف بها، وأن ما خسرته من أدوار على الساحة العالمية لم يعد بالإمكان استعادته بالعدوان أو بمحاولة إسكات الصوت السوري. لا احد تغيب عن باله الحقيقة الواضحة بأن المواجهة التي فتحتها أوروبا رغم الفارق ورغم ما يحيط بها من إجحاف تسجل في عالم اليوم أنموذجاً فظاً لمعايير لم تعد قابلة حتى للنقاش، وفي الإصرار الأوروبي عليها ما يشي بالعجز المزدوج على كل الجبهات التي أشعلت فيها معارك تثير الغبار للتغطية على فشلها أمام شعوبها وعجزها عن مواجهة التحديات التي تكبر فوق طاقتها. لذلك فإن المسألة لم تعد فقط وفق مقاييس الغاية والرسالة التي تريد أوروبا أن تسطرها اليوم في عالم تتعدد فيه الاتجاهات الرافضة لكل هذه الممارسات، وإنما أيضاً في الحسابات التي تعكس ضيقاً غير مفهوم ونزقًا سياسياً غير مسبوق وهي تتلطى خلف الزوايا المعتمة أو بجانب الأبواب المواربة. قد يكون من المفارقات الصارخة أن نرى ونحن في القرن الحادي والعشرين هذا النموذج الأوروبي في التعاطي وفي هذه العقلية التي تريد أن تعيد تأطير الاستعمار بلونه وشكله في زمن لم يعد مسموحاً لأحد أن يفكر فيه او أن يسترجع أحلامه البائدة. الاستنساخ الأوروبي اليوم للضجر المتزايد من أفول نجمها السياسي ودورها على المسرح العالمي يبدو في أردأ حالاته ومشاهده، ويجسد الوجه القبيح الذي تقدمه أوروبا حتى في شعاراتها التي تزيد من رداءة أدائها السياسي المتخم بترسبات الماضي، والمشبع بانكسارات الحاضر وخيباته. تلك كانت الخلاصات النهائية التي وصلت إليها حرية التعبير في أوروبا على يد قادتها المشبعين بغوغائية أطماعهم الاستعمارية المستيقظة فجأة، وتلك هي القناعات التي تريد من خلالها أوروبا أن تقول ما عجزت عن فعله بعدوانها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي. تغييب الفضائية السورية و قناة الدراما عن القمر الأوروبي دليل قاطع آخر على الدرك الذي نستكشف حضيضه في كل يوم، وكحجة إثبات على القاع الذي تغوص فيه القيادات الأوروبية لتغطي فشلها وتمنع شعوبها من رؤية عيوب سياسة الأطماع وما قاد إليه إحساس «أرذل العمر »!! |
|