تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حكومــــة كـــــرزاي وحلــــف الناتــــو.. متاهــــة الإتهامـــات المتبادلـــة

أضواء
الخميس 8-4-2010م
د. ابراهيم زعير

لم يتحمل الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، الضغوطات التي تمارسها عليه الولايات المتحدة وحلف الناتو المشاركة في الحرب على أفغانستان

، وتحميله وزر كل الإخفاقات في إقناع الشعب الأفغاني، بجدوى وجود القوات الأجنبية على أرضه، وإن الخطر على حرية واستقلال أفغانستان يأتي من حركة طالبان الإرهابية وليس من الاحتلال الأجنبي الذي يشعر أكثر قأكثر بأنه يغوص في المستنقع الأفغاني دون أن يجد مخرجا منه. ورد كرزاي بعصبية غير مسبوقة بأن تدهور الوضع في بلاده يعود لما سماه بالتدخل الغربي في تسيير أمور حكومته، لدرجة أن كرزاي هدد بالانضمام إلى حركة طالبان إذا لم يتوقف هذا التدخل.‏

ونشرت صحيفة « وول ستريت جورنال » الأمريكية تقريرا جاء فيه إن تصريحات كرزاي أثارت استغراب البيت الأبيض وقادة حلف الناتو عندما قال في رد على اتهامه بالعجز في محاربة الفساد وتأليب الشعب الأفغاني ضد القوات الأجنبية، « بأنه سيكون مجبرا على الالتحاق بطالبان – التي سماها ولأول مرة – بحركة مقاومة «وقال كرزاي أمام البرلمان : « إن تمرد طالبان سيتحول إلى مقاومة إذا لم تتخل الولايات المتحدة وحلفاؤها عن إملاء الأوامر على الحكومة الأفغانية».‏

والمسألة التي أغضبت كرزاي، إن البرلمان الأفغاني رفض القانون الانتخابي الجديد الذي اقترحه والذي يتضمن منح صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية بما فيها الحق في تعيين لجنة الشكاوى والطعون.‏

واتهم اطراف في البرلمان بالعمل لحساب جهات أجنبية. وتزامنا مع هذه التصريحات النارية لكرزاي، التقى مؤخرا ألف وخمسمائة شخصية من زعماء القبائل في ولاية قندهار لإقناعهم بدعم الهجوم العسكري لحلف الناتو والقوات الأفغانية المرتقب ضد معاقل حركة طالبان في الولاية. ووعد كرزاي بأنه على استعداد لوقف ذلك الهجوم إذا لم يحظ بدعم سكان الولاية. وعلقت بعض الصحف الغربية على هذه التصريحات قائلة: بأن كرزاي وقوات الاحتلال الامريكي باتا مقتنعين بأنه من غير الممكن تحقيق الانتصار على حركة طالبان إذا لم يتم عزلها عن تأييد الناس وتقديم المساعدات لها، والحقيقة، كما صرح أحد المسؤولين الغربيين بأن الشعب يؤيد طالبان ليس حبا بها وإنما كرها بالقوات الاجنبية الغازية التي حولت افغانستان الى جحيم لا يطاق.‏

يقول كرزاي: لقد أبلغت السيد أوباما إنني لاأستطيع السيطرة على الأمة بالحرب.. مرت ثماني سنوات والوضع مازال مستعرا، وأفغانستان لن تستقر الا عندما يثق شعبها بأن رئيسها مستقل، وأن الحكومة ليست دمية. وردت مجموعة الثمانية على تصريحات كرزاي هذه في إجتماع وزراء خارجيتها، الذي عقد قبل عدة أيام في « غاتينيو « في مقاطعة كيبك الكندية مطالبين في بيانهم الختامي الحكومة الأفغانية ب « الجرأة « في حل مشاكل الحكم، وإتخاذ إجراءات عملية وشفافة لترشيد عمل الحكومة ودعا البيان كابول إلى التحرك بسرعة لمكافحة الفساد وإصلاح القضاء ، ومحاربة تجارة المخدرات واحترام حقوق الإنسان .‏

ورأى خبراء في الشأن الأفغاني، إن لهجة البيان تندرج في سياق تخوف الغرب من تمرد كرزاي الذي اشتكى كثيرا من التدخلات الدولية الفظة في شؤون بلاده خاصة محاولات دول التحالف الدولي تشويه سمعة الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي مما أدى إلى تقليص شرعية الرئيس كرزاي كفائز بأغلبية الأصوات في تلك الإنتخابات.. وجعلت الوجود العسكري في أفغانستان يبدو شبيها بوجود الغزاة الامبرياليين في الماضي. وذهب كرزاي في اتهاماته إلى أن تزوير الانتخابات قامت به جهات أجنبية وليس للأطراف الأفغانية أي علاقة بذلك. ورد الجنرال‏

« جونز » مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما على غضب كرزاي في تصريح له للصحفيين : « إن أوباما يضغط على كرزاي من أجل التصدي للفساد المستشري في حكومته، متهما الرئيس الأفغاني بأنه لم يحقق أي تقدم على هذه الجبهة منذ تنصيبه رئيسا قبل عدة أشهر .‏

كما أن اتهامات كرزاي للغربيين والأمم المتحدة بعمليات تزوير الانتخابات الأخيرة ، أثارت استياء المجتمع الغربي والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ووصفت الانتقادات الافغانية بأنها مقلقة وطلبت من كرزاي « توضيحات» عبر الناطق بأسم الرئيس أوباما روبرت غيبس. لكن كرزاي سرعان ما تراجع واتصل بوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون موضحا إنه يؤكد مجددا التزامه بالشراكة التي تربط أفغانستان والولايات المتحدة. وهكذا لم يصمد كرزاي أمام الضغوطات فتراجع عن اتهاماته والغرب بدوره خفف انتقاداته العلنية لكرزاي. ويبدو إنه من الصعب التأكيد على إن المياه عادت إلى مجراها الطبيعي في علاقات كرزاي مع الغرب، ولاسيما إن تزايد الفشل العسكري في تحقيق الأهداف والقضاء على طالبان والمقاومة مازالا يربكان كرزاي وقوات التحالف على حد سواء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية