تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ستارت 2.. هل تؤشر لعودة التوازن الدولي؟

شؤون سياسية
الخميس 8-4-2010م
غسان العزامي

بعد سنوات عديدة من المفاوضات توصل الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف إلى اتفاقية مهمة لخفض ترسانة الأسلحة النووية، وكان الجانبان قد اتفقا على الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعاني منها الطرفان،

وغيرها من المسائل الخلافية والعالقة، رغم حرص الإدارة الأميركية على تطويع روسيا الاتحادية وتكبيل اقتصادها بالأزمات المستمرة وإبقاء انكفائها ومحاولة جرها إلى مواقف تقف بالضد من مصالحها الاستراتيجية لتكون بعيدة عن تأدية دورها الدولي بوصفها قوة نووية عظمى.‏

وفي هذا السياق جاءت زيارة الرئيس الروسي إلى أميركا، وتناولت المباحثات موضوعات عدة كانت مابين أنظمة (الدفاع) الصاروخي الأميركي وإلى تهديدات الإرهاب وماتسميه أميركا الدول الخارجة على الشرعية الدولية التي قد تحصل على أسلحة الدمار الشامل.‏

وما يلاحظ دائماً في السياسات الأميركية غير الموضوعية والمنحازة في التعامل مع الدول والشعوب الأخرى وفقاً لمصالحها الاستراتيجية وليس وفق مصالح تلك الدول والشعوب، ففي الوقت الذي يصف فيه الرئيس الأميركي الدول التي لاتذعن للمنطق الأميركي بأنها دول خارجة على الشرعية الدولية ولاسيما في محاولة بعضها امتلاك السلاح النووي وأنها تهدد الأمن والسلام الدوليين.‏

ويتجاهل الرئيس الأميركي عمداً التهديد النووي الصهيوني، حيث يمتلك الكيان الصهيوني ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية وغيرها من الأسلحة المحظورة، ويرفض التوقيع على معاهدة عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش المنشآت النووية الصهيونية مستنداً في ذلك إلى الدعم الأميركي، ما يعبر بشكل مفضوح عن ازدواجية المعايير الأميركية والكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا الدولية الحيوية، إن محاولة القادة الروس إعادة تأهيل روسيا لتؤدي دورها المطلوب على الساحة الدولية سواء من خلال فعلها الأحادي بوصفها قطباً دولياً محتملاً، ولاسيما أنها لاتزال تملك الموارد الاقتصادية والبشرية وهي صاحبة أكبر ترسانة نووية وأكبر قوة إطلاق للصواريخ 4900 رأس نووي فضلاً عن التقدم العلمي الروسي في مجال الفضاء والتكنولوجيا وغيرها من الصناعات، ما يدل على مقدرة تقنية متطورة جداً، أم من خلال الفعل المؤثر في المستوى الدولي الجماعي الذي يمكن أن يضم قوى دولية أخرى يعد ضرورة ملحة تمليها ظروف الوضع الدولي الراهن نتيجة الاستفراد الأميركي بالأحادية القطبية ومحاولة الولايات المتحدة الأميركية الإبقاء على هذا الاستفراد لأطول مدة زمنية ممكنة خدمة لمصالحها غير المشروعة في العالم لذا فإن أجندة موسكو وواشنطن متناقصة جوهرياً، فروسيا تريد العودة إلى زمن الأمجاد ولن تقبل أميركا بمشاركة عرشها مع أحد، إن هذه الاتفاقية لم تنهِ الكثير من الأمور العالقة بين البلدين وعدم تحقيقها النتائج المرجوة، حيث تسعى أميركا وتبذل جل اهتمامها على الضغط على روسيا، إن معارضة التوجه الأميركي بدأت تتسع وتتبلور بوضوح من خلال حركة لايستهان بها من دول العالم الأخرى، وإذا كان المسؤولون الأميركيون لايخجلون من محاولات الابتزاز علناً فإن قسماً كبيراً من دول العالم بدأ يعي جيداً زيف وبطلان المزاعم الأميركية ويدرك حقيقة الأهداف والأضاليل، ما يجعل روسيا تفكر جدياً بإقامة تجمع مؤسسي دولي يبدأ من الشرق وآسيا في الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية، يكون الأساس الذي يمكن اعتماده لمجابهة الاستفراد الأميركي وإعادة التوازن المفقود إلى عالمنا المعاصر، الذي انعدمت فيه كل القيم والمقاييس الإنسانية الصحيحة، وبما يحقق الأمن والسلام الدوليين، ويعطي لكل من روسيا والصين والهند وغيرها من الدول مكانتها المؤثرة في هذا المشروع الاستراتيجي والحضاري الكبير.‏

صحفي عراقي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية