تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القراءة والكتاب

آراء
الخميس 8-4-2010م
جلال خيربك

رغم كثرة معارض الكتاب وتسمياتها المختلفة فإن سوق الكتاب في تراجع وفق ما يراه الناشرون والدور المختلفة التي تشارك فيها.

وقد بات واقعاً انحسار القراءة وتراجع سحر الكتاب لمصلحة الطغيان الذي حققته الفضائيات ووسائل الاتصال المتطورة وغدا طغيان الإنترنت يستأثر بمعظم أوقات الناس نظراً للسرعة والوفرة التي يقدمها في سهولة إيصال المعلومة أو الدراسة أو المراجع أو الملخصات وسواها، فضلاً عن دور الصحافة المكتوبة في هذه المسألة.‏

ولئن كان هذا يحصل على أرض الواقع فإنه بشكل أو بآخر لم يستطع أن يفقد الكتاب سحره أو قيمته وما استطاع أن يؤثر على الإبداع عامة فظل محبّو ومتابعو الشعر والرواية والقصة يبحثون عن هذا السحر أينما وجد، إذ لا يمكن للإنترنت أن يلغي ذلك التواصل والحميمية الضمنية بين القارئ وصفحات الإبداع.‏

فثمة خاصية بين القارئ والكلمة المكتوبة تظل عصية على الإهمال أو إشاحة النظر إلى غير رجعة، رغم أننا لا نقلل من أهمية ما تقدمه الموسوعات الالكترونية وأثرها الفعّال في تقديم الكلمة أو سهولة الاحتفاظ بآلاف الصفحات على أقراص صغيرة سهلة التناول وغزيرة الفائدة، الأمر الذي يطرح من جديد سؤالاً تكرر كثيراً وهو: هل جاء عصر إلغاء الكتاب المطبوع لتحل التكنولوجيا محله فيهيمن دور الصفحات الالكترونية وأقراصها؟ وينحسر دور المكتبات والمساحات الكبيرة التي تستهلكها من أي منزل أو دائرة عامة؟ وهل حان وقت تبديل المكتبات العامة كمثل مكتبة الأسد ومكتبة مجمع اللغة العربية والظاهرية وغيرها من المكتبات العامة في المدن السورية لتحل محلها المكتبات الإلكترونية؟‏

قد يبدو هذا الأمر ميسوراً على الصعيد العملي لكنه في وقت ما يكون صعباً، فإذا كنا نقرأ رواية أو مجموعة شعرية يمكن أن نتأبطها أينما ذهبنا، فهل نصطحب في سفرنا الكمبيوتر وأقراصه كلما احتجنا إلى إعادة سطر أو فكرة؟ ولربما تكون المكتبات الإلكترونية أقل وأسهل للاحتفاظ بكثير من محتويات الكتب لكنها في حالات عديدة لا تلبي هذا الطلب وتلك الرغبة.‏

وقد تبدو آثار ذلك إيجابية للباحث المتفرغ الجالس خلف طاولته فترة طويلة لكنها قد لا تكون مجدية حين يقرأ الإنسان رواية وهو نائم في سريره أو مضطجع على أريكة، كما أننا لا يمكن أن نطالب محب الشعر بحمل كمبيوتر وأقراصه وهو يقرأ في البولمان ديواناً صغيراً لنزار قباني.‏

إن للكتاب سحره وحميميته ومقدرته الفائقة على التواصل مع القارئ في أي ظروف كانت ولابد هنا من التنويه بمسألة أساسية تتبدى في الصلة السرية والسحرية بين القارئ وذهنه والكلمة المطبوعة.‏

ولا بد أيضاً أن نسأل: هل حان وقت حلول الصحافة الإلكترونية محل الصحافة المكتوبة؟ إذاً كيف نفسر أن الإنسان يستطيع قراءة صحيفة وهو ماش أو ذاهب إلى عمله،فماذا نعمل بثقل الكمبيوتر بديلاً من ذلك في رحلة قصيرة أو طويلة؟‏

هل يتراجع سوق الكتاب لمصلحة ذلك أو أن طغيان الهموم والحمى الاستهلاكية على كل مفصل من مفاصل حياة الإنسان المملوءة بالهم إلى حدود التخمة هي الأساس في انحسار القراءة ودور الكتاب؟ ولا نغفل هنا الأسعار والكلف العالية للطباعة إلى جانب عمليات التوزيع.. سهلة كانت أم معقدة، مقصرة كانت أم إيجابية، وفي المحصلة هو الإنسان غاية كل شيء بهمومه والظروف الضاغطة التي تكبله في كل مكان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية