تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في الحدث.. تقبّل الله صلواتكم!

آراء
الخميس 8-4-2010م
د. اسكندر لوقا

ورد في الأخبار منذ فترة قريبة أنه تقرر إقامة الصلوات من أجل راحة أرواح الضحايا التي زهقت إثر زلزال هايتي، وربما كانت الدعوة لإقامة الصلاة في مناسبة الأعياد التي صادفت هذا الشهر مفيدة،

وفي سياقها تتلى الصلوات عادة كما نعلم، من أجل الرحمة على الأموات، وكذلك من أجل شفاء المرضى وعودة الغياب وتحرر السجناء وما إلى ذلك ما يندرج تحت عنوان رجاء الله تعالى كي يستجيب الدعاء من أينما كان مصدره على وجه الأرض.‏

إن النبأ من حيث المبدأ، يؤكد أن الإنسان يمكن أن يحقق إنسانيته في سياق البحث عن ذاته في الآخر، سواء كان هذا الآخر من الأقرباء أم الأصدقاء أم حتى الغرباء الذين لاتجمعه بهم أي صلة وذلك على غرار ضحايا زلزال هايتي.‏

ولكن الذي استوقفني مصادفة حين سمعت هذا النبأ الذي بثته الإذاعة المعروفة جداً وهي إذاعة الـ «ب.ب.سي» ثم عدت فقرأته على موقعها المرئي على شاشة الانترنت هو غياب مثل هذا الموقف الإنساني المشكور تعبيراً عن هكذا مشهد حزناً على ضحايا أحداث كان وقعها على البشرية أشد من وقع الزلزال على سكان هايتي، ومن بين الأحداث التي أعنيها، كما يعنيها معي بالتأكيد أي قارئ عربي لأسطري هذه، مشاهد الجرائم التي طالما ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق أهلنا سواء في فلسطين أم خارج فلسطين مرات عديدة، ومع ذلك لم يستيقظ ضمير أهل الغرب يوماً ليقيموا الصلاة على أرواح ضحايانا العرب، أو لمواساة ذويهم تخفيفا لآلامهم بسبب فقدان أحد أفراد الأسرة وسوى ذلك من تبعات الحروب والاعتداءات على الأنفس أو الممتلكات.‏

إن يقظة الضمير في الغرب تعاطفاً مع أسر الضحايا الذين أخذوا على غفلة من الزمن بسبب تعرض بلادهم لزلزال لم يكن مرتقباً، ظاهرة تستحق كل الثناء، ولكن ماذا عن هذا الشرخ المقيم في ضمير الغرب حيال مايجري على الطرف الآخر من الكرة الأرضية، حين يتعرض الأبرياء من سكان هذا البلد أو ذاك لعدوان وقعه أشد من وقع الزلزال على سبيل المثال؟.‏

إننا ندعو الله تعالى أن يتقبل صلاة أي إنسان يؤدي واجباً إنسانياً تجاه أخيه الإنسان قضى لأي سبب من الأسباب، ولهذا نخاطب أصحاب الضمائر في الغرب، الذين أيقظهم الزلزال المدمر بقولنا: تقبّل الله.‏

ولهذا أيضاً نخاطب هؤلاء، سائلين إياهم ولكن أين كنتم بالأمس وأين أنتم الآن حيث نتعرض ويتعرض معنا أبناؤنا وأحفادنا لكل أنواع القتل والتدمير بما في ذلك تبعات الأسلحة المحرمة دولياً؟ أين أنتم من ممارسة القتل والتدمير على هذه الأرض المقدسة التي منها شعت أضواء الرسالات السماوية؟ ولماذا كانت ضمائركم نائمة أومسترخية، فإذا بها تهب فجأة لتثبت أنها منقسمة على ذاتها بشكل لايقبل أي تأويل يمكن أن يكون مقنعاً؟.‏

فتقبل الله صلواتكم أنتم الذين في الطرف الآخر من العالم، الذين تؤدون واجباً تستحقون الشكر عليه، من أجل ضحايا هاييتي، ولكن لاتنسوا أنكم ستبقون في نظرنا، أعني نحن أبناء أرض الرسالات السماوية تحديداً، ستبقون مدانين أبداً بجناية الانحياز إلى طرف دون آخر بحكم التمييز العنصري بين إنسان هنا وإنسان هناك.‏

dr-louka@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية