تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخبز الألماني والخلافات الأوروبية

معاً على الطريق
الخميس 8-4-2010م
عبد النبي حجازي

يقال: الألمان مغرمون بخبزهم من الشاعر غوته الى بطلة التنس شتيفي غراف.

أرسلت ألمانيا الى أفغانستان (4300) جندي مع قوات الاتحاد الأوروبي التي استنجد بها الرئيس الأميركي باراك أوباما وبعد مقتل ثلاثة جنود ألمان وإصابة ثمانية بجروح في (قندهار) تبين أنها ليست نزهة فحوصر وزير الدفاع الألماني ( تيودور تسو كوتنبرغ) في مؤتمر صحفي واضطر أن يقول إن ما يجري في أفغانستان هو حالة حرب.‏

أجرت المفوضية الأوروبية قياساً لنسبة الملح في الخبز الألماني فوجدته 1.8- 2.2 غرام في كل كيلو غرام، وحكمت عليه بالضار صحياً لأن المعدل المطلوب أوروبياً يجب أن يكون 1.4 غرام.‏

واستشهدت المفوضية بدراسات أوروبية وأميركية تتحدث عن فوائد تقليل ملح الطعام في الغذاء، وخصوصاً في الخبز، واحتد الخلاف بين ألمانيا والاتحاد الأوروبي حول نسبة ( ملح الخبز) حتى ثارت ثائرة صانعي الخبز الألمان وأوشك الموضوع أن يطرح في البرلمان الألماني.‏

يرى الألمان أنه مثلما تتميز اليونان بعدد خلطات الزيتون، وايطاليا بأنواع المعكرونة وفرنسا بـ 365 نوعاً من الجبن- بعدد أيام السنة - فإن بلدهم تتميز بـ 1001 من أنواع الخبز.‏

وهكذا مثلما تراهم في الاتحاد الأوروبي يختلفون بقضايا تتعلق بالطعام ، تراهم يتفقون سراً وعلانية على سحق شعوب العالم الثالث بلا رحمة أو هوادة، ويدعمون اسرائيل دعماً شاملاً ويطلقون يدها للتخريب والتدمير في فلسطين والدول العربية المجاورة بقدر ما تستطيع ولا تزال ألمانيا تدفع لها التعويضات عن المحرقة النازية.‏

يقول الكاتب الفرنسي الدكتور جورج دوهامل الذي شارك بالحرب العالمية الثانية بمهمة طبيب في كتابه «دفاعاً عن الأدب» عن الحضارة الغربية (إن الحضارة إن لم تكن في قلب الانسان لا يمكن أن تكون في مكان آخر).‏

إن الضمير الغربي ملوث والانسان الغربي رقم يُجمع ويُطرح في حسابات صناع القرار الذين يتبارزون بتكديس الأموال في شركاتهم التي يمتصون بها دماء الشعوب، إنه كالأعمى الذي يسير على الرادار وقلما ترى شعرة في رأسه تهتز لما تُمنى به الشعوب من ويلات، وعلى أي حال نقول دائماً لا أمل لنا إلا باستثمار امكانياتنا الى أقصاها كي نجعل منها قوة ضاربة، لأنك لا تستطيع أن تستميل وحشاً ينقض عليك لتقطيع أوصالك والتهامك إلا بالتصدي له.‏

وعودة الى الخبز والملح فإنه عندنا- نحن العرب- مقدس الى حد القسم به. وجعل الاشتراك بأكله وثيقة حب واخلاص (بيننا خبز وملح) ويعامل الرغيف بكل احترام فلا يوضع إلا في المكان النظيف، وهو بكل أنواعه أساس موائدنا.‏

إن لكل انسان وجهين: الأول هو الكد والدفاع عن النفس والثاني هو التمتع بملذات الحياة تمتعاً قد يكون عند الفلاح البسيط أن يسحق ( فحل البصل) ويأكله أداماً مع الخبز وعند المترف أصناف تجعل المعدة طاحوناً سرعان ما تصاب بالعطب.والاقسى أن ترى الطيبات في محلات البيع العامة والخاصة فيسيل لها لعابك لكن جيبك يخذلك .‏

ANHIJZI@GMAIL.COM

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية