تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اضحك ما استطعت



مجتمع‏
الثلاثاء 9-3-2010م‏
ترجمة رنده القاسم عن The Independent‏

يمكنك اعتبار جلوسك لمشاهدة أفلام شارلي شابلن عملاً جدياً ، إذ يبدو أن للأفلام الكوميدية تأثيرات هامة على الصحة بعد أن أثبتت الأبحاث أن الفوائد الصحية للضحك أبعد من مجرد تحريك العضلات العشرين في الوجه .‏

فعندما عرض باحثون في مشفى باليابان أفلاماً لشارلي شابلن على أمهات يعاني أطفالهن الرضع من الأكزيما تبين ارتفاع مستوى هرمون الميلاتونين في حليب اللواتي ضحكن خلال الفيلم ، و عندما رضع أطفالهن من حليب غني بالميلاتونين كانت ردات أفعالهم التحسسية أقل.‏‏‏

و هذه الدراسة هي واحدة ضمن بحوث تسعى لإثبات أن الضحك و الفكاهة و السعادة تلعب دوراً رئيسياً في الصحة الجيدة و العمر المديد.وبإمكانها التأثير بشكل ايجابي على الأمراض و الحالات الناتجة عنها .‏‏‏

و في بريطانيا تخضع الممرضات في الخدمات الصحية الوطنية لورشات عمل للضحك لأجل الاسترخاء و جعل المشفى مكاناً لطيفاً للمرضى.فالأبحاث تظهر باستمرار قيمة الضحك و الفكاهة.‏‏‏

و مفهوم أن الضحك مفيد، استخدم في المعالجة لأجل تحسين سوية الحياة و التخفيف من الألم و توفير الاسترخاء و التقليل من الضغط.ووجدت مراكز لتوفير المعالجة بالضحك و تتضمن مشاهدة أفلام أو الاستماع إلى أشرطة أو قراءة كتب هذا إلى جانب تمارين مثل اليوغا.‏‏‏

و لكن هل حقاً يمكن للضحك أن يقوم بما هو أكثر من التسلية و التخفيف من الضغط النفسي؟هل فعلاً يملك تأثيراً على تطور المرض و دعم الجهاز المناعي و التقليل من أعراض أمراض مثل التهاب المفاصل الرثي؟‏‏‏

طالما ساد الاعتقاد بأن المزاج السيىء يترك آثاراً سلبية على الصحة ،و الآن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أثبتت الدراسة أن الضحك له آثاره الإيجابية على الصحة مع تقديم الأدلة.فالسعادة و الضحك يزيدان نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية في الدم (تلعب دوراً في رفض ولفظ الأورام و الخلايا المخموجة بالفيروسات)وتزيد من قدرات اللعاب على التنظيف،و كذلك خفض مستوى هرمون الضغط النفسي(كورتيزول) و يعتقد أيضا بأن الضحك يسبب إفراز مادة ناقلة عصبية خاصة في الدماغ و هي (اندرو فين) تساعد في التحكم بالألم .و هناك آثار مباشرة للضحك مثل زيادة التنفس و المزيد من استهلاك الأوكسجين و زيادة ضربات القلب.‏‏‏

افترض بحث أن الضحك يدعم الجهاز المناعي، حين قام باحثون في جامعة أوساكا اليابانية بعرض فيلماً مضحكاً لمدة 75 دقيقة على مجموعة من الرجال و النساء.إذ لاحظوا أن نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية زاد بمعدل 26.5 %، و كذلك تلعب السعادة دورا في دعم الجهاز المناعي وفقا لدراسة في جامعة بريمينغهام التي عثرت على رابط بين ارتفاع مستويات الأجسام المضادة للأنفلونزا و بين الزواج السعيد.كما و أثبتت دراسة أخرى في كاليفورنيا وجود علاقة بين الزواج السعيد و انخفاض ضغط الدم و هرمونات الضغط النفسي.‏‏‏

و أيضا في اليابان أظهرت دراسة في مؤسسة تقدم العلم الدولي أن الضحك يخفض مستوى البروتين المسؤول عن اعتلال الكلية السكري و المؤدي إلى الفشل الكلوي فقد انخفضت المستويات بشكل كبير و مباشر بعد مشاهدة عرض كوميدي.‏‏‏

و لكن من أهم الاكتشافات المتعلقة بتأثير الضحك هي المتعلقة بالالتهابات التي تلعب دوراً في مجال واسع من الأمراض بدءاً بالتهاب المفاصل إلى السرطان، كما أنها عنصر رئيسي في الكثير من أمراض الشيخوخة المزمنة التي غالباً ما تسبب تراجع القدرات العقلية.ففي بحث بجامعة أوكسفورد تبين أن مستويات العناصر الالتهابية الرئيسية في الدم انخفضت بشكل ملحوظ بعد قيام مرضى مصابين بالتهاب المفاصل الرثي بمشاهدة أفلام ٍكوميدية.و تبين أن الآثار المضادة للالتهاب استمرت لاثني عشر ساعة بعد الضحك.‏‏‏

و الألم يخفف بالضحك فعندما قام باحثون من جامعة كاليفورنيا بتعريض أطفال بين السابعة و السادسة عشر إلى ألم ناتج عن وضع أيديهم بمياه باردة للغاية ،كان أولئك الذين يضحكون لمشاهدتهم أفلاماً كوميدية أكثر تحملاً للألم .‏‏‏

و يحفز الضحك التغيير في نمط التنفس و هو أمر يحمل تأثيراً علاجياً على من يعاني من أمراض رئوية مزمنة.ففي مشفى جامعة بازيل في سويسرا، اختبر الأطباء فكرة أن الضحك يقلل من فرط الانتفاخ عند مرضى الداء الرئوي المسد المزمن.و كانت النتائج ايجابية.‏‏‏

بل وصل الأمر بالباحثين إلى اكتشاف أثر الضحك على المتبعين لحميات غذائية ،فالباحثون في كلية الطب في ناشفيل الأميركية ذهبوا لحد حساب الطاقة التي يصرفها الضحك،فمع مساعدة أربعة أفلام مضحكة و مقياس الغالوري و جهاز مراقبة دقات القلب و جهاز لإحصاء الضحكات تبين لهم أن الضحك بصوت عال يسبب زيادة ما بين 10 إلى 20 % من استهلاك الطاقة و دقات القلب.و هذا يعني أن 15 دقيقة من المرح الصاخب في اليوم يمكنها محو أثر تناولك لقالب شوكولا صغير.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية