تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خطوات متسارعة نحو التهويد

قاعدة الحدث
الثلاثاء 9-3-2010م
ناصر منذر

منذ اغتصاب فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني جهدت الحكومات الصهيونية المتعاقبة على تنفيذ الخطط الرامية لتهويد المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة،

وآخرها كان قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بضم الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى مايسمى المواقع التراثية الإسرائيلية، بالإضافة إلى ترميم وصيانة 150 موقعاً أثرياً اعتبرتها سلطات الاحتلال جزءاً من التراث اليهودي المزعوم.‏

والحرم الابراهيمي الشريف يقع في قلب مدينة الخليل، وهو ثاني أهم معلم إسلامي للفلسطينيين بعد المسجد الأقصى المبارك، ويأتي في المرتبة الرابعة للمسلمين عامة بعد الحرمين المكي والمدني والمسجد الأقصى.‏

ويعتبر الحرم من بقايا بناء أقامته هيرودوس الأدومي في فترة حكمه لمدينة الخليل سنة 37 ق.م قبل أكثر من ألفي عام، وفيه قبر النبي ابراهيم عليه السلام، وزوجته الأولى سارة، وولده اسحق وزوجته رفقة، وكذلك دفن فيه النبي يعقوب وزوجته اللائقة.‏

ومنبر الحرم أقدم منبر إسلامي صنع في مصر سنة 484هـ ، ثم نقل إلى عسقلان، ويتميز بأنه مصنوع من خشب الأبانوس المطعم ولايوجد به أي مسمار وإنما ركب بطريقة التعشيق، وقد خاض صلاح الدين الأيوبي معارك كثيرة حتى وضعه في مكانه الحالي في صدر المسجد.‏

وتعرض الحرم لسلسلة طويلة من الاعتداءات الصهيونية البشعة بدأت بعد أن دخل الصهاينة مدينة الخليل في الثامن من حزيران عام 1967 حيث اقتحموا الحرم الشريف برفقة حاخامهم الأكبر، ورفعوا العلم الصهيوني عليه ومنعوا المسلمين من دخوله، لتبدأ آنذاك أسوأ مرحلة بتاريخ هذا الحرم.‏

فبعد نكسة حزيران بدأ اليهود يتوجهون إلى الحرم على شكل زيارات استفزازية لتتخذ تلك الزيارات طابعاً رسمياً في حزيران عام1972 عندما سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين اليهود رسمياً بأداء الصلوات داخل الحرم بشكل غير تظاهري، وفي غير أوقات صلاة المسلمين، إلا أنه في السابع والعشرين من آب عام 1972 نظم الحاخام مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ الإرهابية صلاة تظاهرية هو وأتباعه بالقرب من الحرم، بعد أن دخلوا المدينة بشكل استفزازي وقررت سلطات الاحتلال بعد ذلك السماح لليهود بالصلاة في الحرم بأوقات صلاة المسلمين وقام الحاخام كاهانا بأداء الصلاة بشكل جماعي هو وأتباعه لأول مرة في 17 أيلول عام 1972.‏

وبعد شهرين فقط قرر الحاكم العسكري لمدينة الخليل إدخال الكراسي إلى الحرم لجلوس المستوطنين اليهود، وخزن لحفظ التوراة، بالإضافة إلى زيادة ساعات الصلاة المخصصة لليهود داخل الحرم، مقابل تقليص الساعات المسموح بها للمسلمين الذين منعوا منذ ذلك الوقت من الصلاة على موتاهم داخل الحرم.‏

وخلال تلك الفترة قامت سلطات الاحتلال بإغلاق البوابة الرئيسية للحرم ونسف الدرج المؤدي إليه، وبدلت من ترتيبات الحرم الداخلية ووضعت ستائر بحجة الحجز بين الفرق اليهودية المختلفة داخل الحرم، وقامت كذلك بتقليص الحيز المخصص للمسلمين إلى منطقة تمتد بين المحراب والمنبر بعرض خمس أمتار وطول خمسة وعشرين متراً.‏

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أخذ المستوطنون اليهود يستفزون المصلين المسلمين بأداء الصلوات، بأصوات مرتفعة أثناء الصلاة ثم باستعمال البوق اليهودي المشهور داخل المسجد، وكل ذلك تحت حماية جنود الاحتلال، إلى أن تسلل أربعة مستوطنين :إلى داخل الحرم في الثاني من تشرين الأول عام 1976 ومزقوا كل المصاحف فيه، وداسوها بأقدامهم، ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين أهالي مدينة الخليل والمستوطنين الصهاينة، فرض على إثرها منع التجول في المدينة، وتمكن المستوطنون خلاله من تحطيم وسرقة معظم أثاث الحرم، ومن بين المسروقات ساعات وكتب ومصاحف إسلامية ذات قيمة تاريخية، و مفاتيح مقامات الأنبياء وسجاد عجمي أثري عمره عتيد لعدة قرون.‏

وفي عام 1979 وافقت حكومة الاحتلال على توصية عيزرا ايزمان وزير الحرب آنذاك بالسماح لليهود بإقامة الصلاة في المكان الذي بقي للمسلمين ليؤدوا صلاتهم فيه، وبذلك وصلت المؤامرة على الحرم الإبراهيمي إلى أقصاها، ودنس المستوطنون كل شبر في الحرم الذي يضم بين جنباته قبور الأنبياء.‏

وفي الخامس والعشرين من شباط توج الصهاينة اعتداءاتهم بمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، التي نفذها الإرهابي باروخ غولدشتاين، عندما استخدم سلاحه الشخصي، وكمية كبيرة من الذخيرة لقتل 29 فلسطينياً وجرح 150 آخرين كانوا يصلون داخل الحرم لتقوم سلطات الاحتلال بعدها بتقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، أصبح الجزء الأكبر كنيساً لليهود، والأصغر مسجداً للمسلمين، وضعت سلطات الاحتلال على مداخله بوابات الكترونية، وفرضت قيوداً صارمة على دخول المسجد.‏

وقرار التقسيم ذاك شكل استفزازاً لمشاعر جميع المسلمين في العالم، وانتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية