|
شؤون سياسية والسمية في التحضير تتقصد النيل من العمل العربي المشترك، ومحوره مبادرة السلام العربية، ومنها ما ينكأ جراحاً في سجل النوسان الفلسطيني بين «القرار المستقل» وبين الامتثال لمحددات الالتزام القومي حيال مركزية قضية فلسطين في الصراع العربي- الصهيوني. إلى ذلك فإن الحضور السوري المتحفظ على قرار التفويض كان امتداداً لتاريخ، ولا نبالغ لأنه حقاً: تاريخ من صيحات إعلاء الشأن القومي على مواجع التحلل منه بالاستنسابية التي تراوح بين القرار المستقل وبين سحب اللحاف القومي لستر عيوب هذا القرار المستقل. وربما كان في هذه المراوحة ما يكفي من أسباب وجيهة لمراجعة فلسفة «القرار المستقل» من جذورها بعد افتضاح عقمها وخطرها على المصلحة القومية وعلى المصلحة الوطنية لمعتمديها في آن معاً. والشاهد أن ثمة أهبة للتسميم في طبخة قرار التفويض الذي رحب به نتنياهو، تجسدت في مسارعة فضائية ناطقة بـ «العربية» إلى استهلال خبر التفويض بالقول: «سورية تخرق مجدداً الاجماع القومي». هنا يقع مفتاح بوابة المواجع المتنقلة على مدى نحو الأربعين عاماً على الأقل، في الجهد المنسق لتلطيخ سمعة سورية القابضة على الجمر في التزامها القومي. الفضائية المشار إليها لم تكن ولدت في 1980، عام الانطلاقة الصاخبة والمسلحة لتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة بصرف الأنظار عن «إسرائيل» والرمي على إيران!. لكن الفضائية تلك وريث شرعي لذلك التهريج الذي انعقد حول «حرب البوابة الشرقية» واستحق في المعمار الدعائي لمنظمي التهريج توصيف الإجماع القومي! الذي خرقته سورية حقاً، ودون تردد لسبب جوهري هو أن تلك الحرب لم تكن حرب العرب. فأي «إجماع قومي» هذا الذي تخرقه سورية في التحفظ على قرار 3/3/2010؟ الاستنساخ هنا صريح. ومثلما تناهى التهريج في الاجماع الزائف على «حرب البوابة الشرقية» إلى ولادة «القرار الفلسطيني المستقل» وما استجره من تعطيل لزخم المقاومة الوطنية الفلسطينية، ينعطف المهرجون إلى إحياء رميم «القرار المستقل» وستر عوراته بلحاف «الاجماع القومي»! وحسب يقين المهرجين فإنه لابد لتمرير هذه الانعطافة من تلطيخ سمعة سورية، ويقينهم هذا صحيح، لأن التزام دمشق القومي الأصيل معيار يتربص بالزيف في التهريج المشاع حول النوسان في الاستنسابية: تارة حول «القرار الفلسطيني المستقل» و«نقبل بما يقبل به الفلسطينيون»، وتارة لتعويق العمل العربي المشترك بالسطو على صلاحية القمة العربية القادمة في ليبيا، في مراجعة فلسفة المبادرة العربية للسلام، وما إذا كانت المبادرة «ستبقى على الطاولة إلى الأبد، أقله: عام آخر. والسمية العالية في الطبخة التي باركها نتنياهو، اتضحت في التناغم الاجرائي مع الخطاب الإسرائيلي في شأن السلام، بإحراج سورية في الحالين: 1- إذا وافقت على إجازة التفاوض غير المباشر مع مواصلة «إسرائيل» الإخلال بمتطلبات التفاوض، وفيها سياسة بناء المستعمرات في أرض محتلة وانتهاك حرمة المقدسات وديمومة العدوان على غزة، فإن سورية لا تستطيع بعد موافقة تعطيها للفلسطينيين أن تحاجج بضمانات الراعي التركي لمفاوضات غير مباشرة على المسار السوري، وفيها استبعاد العدوان على غزة، الذي كان سبباً وجيهاً أمام الراعي التركي لإيقاف المفاوضات غير المباشرة آواخر 2008. 2- إذا رفضت سورية فإنها تعطي «إسرائيل» تلقائياً سلاحاً لتسويق خطابها السلمي أمام الرأي العام العالمي، على ما في هذا الخطاب من ثغرات تنهار بها صدقيته، وأهمها خلو هذا الخطاب من المرجعية والضمانات وبما يفسح في المجال أمام مقولة دان إيالون، مساعد ليبرمان: «لماذا لا يجلس السوريون معنا لنتفاوض مباشرة؟ هل نحن مصابون بالجرب؟!». وقد أفلتت سورية من شرك الطبخة المسمومة على مقلبيها أمام الرأي العام العربي والدولي. لكن العمل العربي المشترك كله وقع في مصيدة الزمن، إذ عوضاً عن أن تشتغل لجنة متابعة مبادرة السلام العربية على خط المبادرة، وتستكشف إغلاق «إسرائيل» لفرصة السلام فيها، وتبسط ذلك كله أمام قمة طرابلس القادمة، لتتخذ قراراً في شأنها، اشتغلت اللجنة في غير مهمتها، واعتمدت «فرصة» أشهر أربعة لمفاوضات غير مباشرة فلسطينية- إسرائيلية، لتقييد العمل العربي المشترك، وحرمانه من تفعيل المناخ الدولي الإيجابي، المعزز بتقرير غولدستون والآفاق الواعدة في تتابعه Siwan.ali@gmail.com ">الإجرائي!!! Siwan.ali@gmail.com |
|