تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هآرتس.. التهديدات.. أفضل من حرب حقيقية!

بقلم: تسفي بارئيل
ترجمة
الثلاثاء 9-3-2010م
  ترجمة: أ. أبو هدبة

أربع مرات زار محمود أحمدي نجاد سورية، مرتان منها في السنة الاخيرة. وزار بشار الأسد طهران أربع مرات منذ أن تولى أحمدي نجاد السلطة في 2005. اذا كانت الزيارات المتبادلة بين رئيسي إيران وسورية سببا للذعر فإنه يحسن الاطمئنان لأن التوازن بينهما محفوظ جيدا.

كذلك زار خالد مشعل إيران مرات كثيرة، آخرها في كانون الأول، بحيث ان مجرد حدوث اللقاء في الأسبوع الماضي بينه وبين أحمدي نجاد لم يكن شاذا. اذا كانت سورية وإيران وحزب الله وحماس تعد لحرب على إسرائيل فإنها لا تحتاج إلى لقاءات استعراضية، لكن لماذا لا نذعر إذا أمكن، ولماذا لا نرى كل لقاء كهذا تهديدا؟‏

«رياح حرب» هو العنوان الذي صحب في إسرائيل هذه اللقاءات في وسائل الإعلام. ليس مهماً ان التقرير الاستخباري في الجيش الإسرائيلي يقول إنه: لا استعداد للحرب. يكفي ان يأتي المنطقة رئيس مقرات القيادة المشتركة الأمريكي، وأن يخطب نصرالله خطبة تهديد تل أبيب، وأن يتهم سياسي لبناني مسيحي للمرة المئة حزب الله بأنه قد يجر لبنان إلى حرب، وأن يرد أحمدي نجاد الزيارة لدمشق، وأن يقول تكرارا إن الكيان الصهيوني سيختفي – كي تثور فينا قشعريرة لذيذة. أيمكن أن يوجد برهان أسطع من ذلك على أنه تدبر علينا «حرب» أو على أن «شيئا ما يحدث» في الأقل؟‏

في ظاهر الأمر، لكل واحد من الزعماء الذين التقوا في الأسبوع الماضي في دمشق علة تخصه لمحاربة إسرائيل. وفي صورة مرآة يوجد لإسرائيل أيضاً علة لمحاربة كل واحدة من هذه الجهات، معاً أو على حده. لكن علة الحرب ليست شرطا كافيا للحرب. فمن الحقائق ان إسرائيل لا تخرج لمحاربة حزب الله وان سورية لا تقدم دبابات إلى الجولان.‏

حماس، مقطوعة عن مصر والضفة لا تستطيع أن تسمح لنفسها بـ «رصاص مصبوب» ثانية، في حين تجهد في ترميم اضرار «الرصاص المصبوب» الأولى. وتستطيع سورية ان تهاجم إسرائيل، لكن الثمن الذي ستدفعه قد يكون أعلى كثيرا مما تدفعه حماس أو حزب الله. كذلك لا تهتم إيران كثيرا بأن تتلقى حليفاتها ضربة شديدة يشعر بنتائجها السياسية جيدا في طهران أيضاً. فهي ترى طائفة التهديدات أفضل من حرب حقيقية. إن ميزان الرعب هو الكابح الأنجع لهجوم إسرائيلي في رأي إيران وسورية وحزب الله وحماس أيضاً.‏

يمكن ان يزعزع هذا الميزان اتفاق سلام فقط بين سورية وإسرائيل. لن يمنع حصول إيران على القدرة الذرية ولن يقطع العلاقات بين سورية وإيران أو بينها وبين حزب الله. لكنه سيحذف ضلعاً حيوية من المربع الفظيع. لكن يبدو أننا نرتب أمورنا مع التهديدات أفضل مما نفعل مع الحروب أو «العمليات» الحقيقية.‏

عندما يسخر الأسد من مطلب هيلاري كلينتون الابتعاد عن إيران..نتلاشى. فها هو ذا «محور الشر» لا يزال موجودا، والتهديد حي يتنفس. لكن عندما يدعو الأسد نفسه مرات لا تحصى إلى تجديد التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، يكون ملف الشروط المسبقة معداً: لن نعطي الجولان، ولن نوافق على وساطة تركية وسنطلب نقض عرى الحلف الإيراني – السوري. وعندما تحاول الولايات المتحدة إقناعنا بأن مفاوضة الفلسطينيين قد تضعف قوة إيران في المنطقة إن حقيقة أن حماس لم تعد تطلق صواريخ قسام منذ أكثر من سنة أصبحت ترى هل هي مفهومة ضمنا، لكن حصار غزة استمر اكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة. فهل ترى إسرائيل هذا وضعاً طبيعياً يجب ألا يؤثر البتة في مواقف الفلسطينيين.‏

لا تستطيع إسرائيل أن تغسل كفيها غسلاً نظيفاً وهي تتحدث عن تهديدات من الخارج ولا تعرض على الجمهور بديلا. أجل إن بيريز يمد يده للسلام مع السوريين لكن حكومة إسرائيل تضرب صفحاً عن ذلك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية