تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءات في الصحافة الإسرائيلية.. لم يعد مسموحاً لإسرائيل الاستفراد بأحد من أطراف الممانعة

ترجمة
الثلاثاء 9-3-2010م
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

حظيت قمة دمشق التي عقدت بين الرئيس بشار الأسد والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، باهتمام بالغ لدى الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية الإسرائيلية،

بل انها أثارت مخاوف كبيرة بالنسبة للدوائر المختصة بالقضايا الاستراتيجية، لدرجة انها وصفت بقمة استراتيجية من شأنها أن تعيد حسابات تل أبيب, وتحمل الكثير من الرسائل وفي مقدمتها: «بأنه لم يعد مسموحاً لإسرائيل الاستفراد بأحد من أطراف معسكر الممانعة في المنطقة» على حد تعبير أفي يسسخاروف مراسل هآرتس العسكري.‏

الحاجة للاستعداد والتأهب‏

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع أنَّ لقاء دمشق والتصريحات التي صدرت، تُجسِّد الحاجة للاستعداد والتأهب بشكلٍ شفافٍ جداً. بينما تلاقى التقييم السنوي للاستخبارات العسكرية مع تصريحات المستويين السياسي والعسكري في وضع شروط معقدة لأي حرب قد تقع.‏

« وما يقلقني ويجب أن يقلقنا جميعاً أن هناك رسالة يبعث بها أحمدي نجاد ونسمع مثلها من حسن نصر الله والرئيس الأسد بأنَّهم يهيئون لنا شيئاً ما، وفي حال حصلت معركة في الشمال فإنَّ الجميع سيكونون فيها ضد إسرائيل، ويجب أن ننظر بخشية كبيرة إلى اجتماع الأسد وأحمدي نجاد وحضور نصرالله ومشعل» برأي يسسخاروف نفسه. وبحسب «يؤآف ليمور» المختص بالشؤون الأمنية: «لا اعتقد ان هناك حرباً ستقع. تقييمات الاستخبارات العسكرية للعام ألفين وعشرة تقول إنَّ الاحتمالات ضئيلة، وإن ما يمكن أن يؤدي لوقوعها هو حصول حزب الله على سلاح يخل بالتوازن، ولن يستطيع أي طرف تحقيق نصر في الحرب المقبلة التي ستعرّض الجبهة الداخلية لخسائر كبيرة جداً بما في ذلك تل أبيب وغوش دان.‏

قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الجنرال غادي ايزنكوت عبر بدوره عن المخاوف الإسرائيلية حين قال إنَّ الافتراض السائد لدى الجيش الإسرائيلي يقول ان الأسلحة المتطورة الموجودة بيد الجيش السوري ستصل في نهاية المطاف.‏

إضفاء جو من التهدئة‏

رسميا تحاول الأوساط الرسمية الإسرائيلية السياسية والعسكرية إضفاء جو من التهدئة بعد سلسلة من المناورات العسكرية والتهديدات التي أطلقها العديد من قادة جيش الاحتلال، فيما ألقت القمة ذاتها بظلالها على زيارة باراك وزير الحرب الإسرائيلي إلى واشنطن.فقد قال رئيس أركان جيش الاحتلال اشكنازي: «بأن الردع هو اسم اللعبة الجديدة في إسرائيل»، ومع انتهاء المناورات القيادية التي جرت خلال الأيام الماضية ووصفت بالأضخم منذ حرب 2006 حرص وزير الحرب ايهود باراك ورئيس الأركان غابي اشكنازي على التأكيد بعدم وجود نية للتصعيد، وإن المناورات ذات طبيعة استعدادية لرفع مستوى الجهوزية، وقد تمَّ إبلاغ لبنان وسورية بذلك، وأضاف اشكنازي: «لسنا معنيين بتدهور الأوضاع، نحن نتابع ما يجري عن كثب، وحريصون على العمل من أجل المحافظة على جيش مستعد ويقظ ورادع، فيما حمل وزير الحرب ايهود باراك قلقاً إلى نظيره الأميركي روبرت غيتس من استمرار تزود حزب الله بالسلاح وخاصة الصواريخ، في حين غاب رئيس الكيان الإسرائيلي شمعون بيريز عن كل مضامين المواقف الصادرة من دمشق، ليدعو الرئيس السوري إلى تحديد موقفه، إما الذهاب مع إيران وتهديد إسرائيل، وإمَّا الذهاب إلى عقد تسوية معها.‏

ورداً على تلميذة في إحدى مدارس مستوطنة حتسور في الجليل، وسؤالها عن الحرب وإمكانية وقوعها مع حزب الله، أكد بيريز أنه: «لا نيّة لوقوع حرب على الحدود الشمالية، وإسرائيل تتطلع إلى تحقيق السلام»، مشيراً إلى أن «تل أبيب لا تهدد لبنان، بل تسعى إلى العيش معه في سلام، ولذلك لا حاجة لشراء الأسلحة».‏

تشكيل حكومة طوارئ‏

من جهته طالب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والمسؤول عن ملف ما سمي التهديدات الاستراتيجية العنصري أفيغدور ليبرمان بتشكيل حكومة طوارئ وطنية مع الليكود. ودعا ليبرمان إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها حزب كاديما المعارض. ووجه دعوة لزعيم الليكود، بنيامين نتنياهو، ولرئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، إلى وضع الخلافات جانبا لمواجهة ما اسماه التقارب الخطير الحاصل بين الرئيس السوري ونظيره الإيراني. معتبرا أن: «حكومة وحدة وطنية هي مطلب الساعة في هذه الأوقات العصيبة «في حين قال عضو الكنيست رئيس لجنة الخارجية والأمن، تساحي هنغبي من حزب كاديما أن إيران تشكل خطراً، يتفاقم من يوم إلى آخر، على إسرائيل».‏

واستعرضت صحيفة هآرتس في هذا السياق ما وصفته بالخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل حيال نقل السلاح إلى حزب الله عندما مررت إسرائيل رسائل علنية إلى سورية إثر شكّها بنقل أسلحة تصفها إسرائيل بالخطيرة إلى حزب الله. وقالت هآرتس إنَّ التحذيرات تركَّزت على الأسلحة المضادة للطائرات التي يمكن أن تقيّد حرية سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.‏

الإدارة الأميركية تحذر‏

وفي السياق نفسه ذكرت هآرتس أيضاً، أن الولايات المتحدة سعت خلال اليومين الماضيين إلى تهدئة كل من إسرائيل وسورية عبر قنوات عديدة، وطالبتهما بمنع التصعيد عقب لقاء دمشق. وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إن الإدارة الأميركية عملت في الأيام الأخيرة على تهدئة التوتر عند الحدود الشمالية، وطالبت بالامتناع عن تصعيده. وحذرت الإدارة الأميركية خلال محادثات مع مسؤولين إسرائيليين وسوريين، من تدهور الوضع الأمني عند الحدود نتيجة لـ«تقييمات خاطئة» من جانب سورية أو إسرائيل، قد تقود إلى اشتعال الجبهة بين الدولتين.‏

قلق إسرائيلي واضح‏

القلق الإسرائيلي من قمة دمشق بدا جلياً في تحليلات الصحف الإسرائيلية، إذ قدر بعض المحللين الإسرائيليين ان القمة تشكل نوعا من الخنق الاستراتيجي لإسرائيل، وتحد كثيراً من إمكانية نزوع قادة جيش الاحتلال نحو الحرب، فقد كتب كل من شمعون شيفر وسمدار بيري في يديعوت احرونوت: «ليس واضحا كم هامة حقاً كانت هذه القمة. وكم هي ذات مغزى الأقوال التي قيلت فيها، وكم سيكون تأثيرها على المنطقة ملموساً.‏

الخشية من حصار الصواريخ‏

وفي مقال افتتاحي آخر تقول هآرتس: «إسرائيل تخشى عن حق حصارها بالصواريخ بعيدة المدى مع رؤوس متفجرة متطورة، منصوبة في سورية، لبنان وقطاع غزة، وقادرة على أن تضرب التجمعات السكانية في غوش دان ومطارات سلاح الجو. ولكن قبل أن تنطلق إلى عملية عسكرية في الشمال، عليها أن تمتنع عن التصعيد وان تستنفد البدائل الدبلوماسية. وبدلا من التهديد بحرب، على إسرائيل أن تسعى إلى استئناف المفاوضات السياسية مع سورية، بهدف تحقيق تسوية سلمية معها. ليس لدى إسرائيل وسيلة اكثر نجاعة من اتفاق سياسي لإحداث تغيير استراتيجي في الشمال وتفكيك التحالف المعادي الذي تقوده إيران. انسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان، مقابل ترتيبات أمنية مناسبة وتطبيع العلاقات مع دمشق، سيخلق واقعاً جديداً في الشرق الأوسط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية