|
صفحة ساخرة في مطلع هذه السهرة الرمضانية ذكرنا أبو الجود ببيت شعر لزهير بن أبي سلمى يقول فيه: فمن يك ذا فضل ويبخل بفضله على أهله يستغن عنه ويذمم وأوضح لنا أن من كانت لديه خبرة في أي شيء ينبغي عليه أن يعرضها أمام أصحابه وأهله, حتى ولو كانت خبرة في مجال (قلة الدخل وارتفاع الإنفاق). وقبل أن تزدحم سكة الحديث ويبدأ التدافع لأجل الإدلاء بالآراء المختلفة حول هذا الموضوع الأثير سارع أبو الجود إلى القول إن ارتفاع الأسعار الذي أوصلتنا إليه الخطط الحكومية التي ترمي إلى خفض الأسعار قد حول الإخوة المواطنين من أناس كرماء يمشون على خطة العم جحا الذي سئل: كيف تعلمت الكرم? فقال: أحسب أن الشيء الذي امتلكه لم أكن أمتلكه أصلاً.. إلى أناس بخلاء ذوي أيد ماسكة إذا سقط واحدهم في البحر وجئت لتنقذه وقلت له: (هات يدك) لا يرد عليك, حتى إذا قلت له (خذ يدي) أخذها وتعلق بك فلا تستطيع منه بعد ذلك فكاكاً! وأصبح المواطن أمام هذه الحالة غير المتوازنة- مثل شايلوك حاشاكم- يحسب ثمن كل قميص يرتديه وكل لقمة يأكلها وكل مكالمة يتكلمها في الهاتف أو الجوال وكل لمبة كهرباء يشعلها وكل حنفية ماء يفتحها..الخ ابن خالي عبدو أكد صحة كلام أبي الجود وقال إنه وزوجته أقدما على صناعة ما يملأ قطرميزاً صغيراً من المكدوس في أول الصيفية, وحينما حسبا كلفة المكدوسة الواحدة من باذنجان وزيت زيتون وقلب وجوز وثوم فوجداها تصل إلى خمس عشرة ليرة صدت نفس العائلة كلها عن تناوله ونجا القطرميز بمحتوياته على رف المطبخ. قال عبد الله فريكة: أنا أعيش على الهامش, ومن قلة الموت, ومن دون دخل تقريباً, وهذا يعني أنني لست نافعاً لشيء, ولذلك اسمحوا لي أن أروي لكم نكتة عسى أن تضحككم فتخفف عنكم البلاوي الزرقاء. فقد شاهدت أول أمس على إحدى المحطات الفضائية اللبنانية تمثيلية لها علاقة بالحسابات التي تتحدثون عنها, وهي أن رجلاً كان يعمل بصفة نادل في مقهى, ثم ترك عمله وذهب ليعمل في مكتبة تبيع الكتب الأدبية, ولدى حضور أول زبون قال له: أريد كتاباً لجبران خليل جبران, فالتفت إلى الداخل وصاح: -وعندك تنين جبران وواحد خليل يا ولد! قال أبو الجود: - زعم جاري أبو سمير, وهو موظف مفلس و (زملوطي) مثلنا, أنه اشترى طقماً من الباله فربح فيه ثلاثة آلاف ومئتين وخمسين ليرة. وبعدما عرضه على أهله ومعارفه, وأخذ رأيهم في تفصيله. ومنظره أحضر زوجته وجاء ليسهر عندنا, محضراً الطقم معه! وأنا سألته: كيف ربحت هذا المبلغ مع أنك اشتريت الطقم ولم تبعه? فاستوى جالساً بعدما كان متكئاً وقال لي: - أنت يا أبو الجود عيني التي أرى بها الطريق كيلا أتعثر وأقع. ياسيدي أنا حسبتها بدقة, وبواسطة الآلة الحاسبة. فوجدت ما يلي: الطقم الجاهز الذي يباع في المحال التجارية ثمنه 6000 ليرة سورية, مع إشارة واضحة إلى أن السعر ثابت, وكذلك فإن من يرد أن يخيط طقماً عند الخياط فإن تكلفته هي 6000 ليرة, وأنا اشتريت هذا الطقم بألفين وسبعمئة وخمسين ليرة, فإذا طرحت المبلغ الصغير من الكبير تجد أنني ربحت 3250 ليرة بالتمام والكمال! ضحكت وقلت له: بسيطة أخي بسيطة, أنا الشهر الماضي ربحت 25 ألف ليرة عداً ونقداً. دهش وقال لي: يالطيف! كيف? قلت: احسب معي إذا سمحت. مصروف الطعام في أسرتي وسطياً هو عشرة آلاف, ولأننا لم نأكل طيلة الشهر فقد وفرنا عشرة آلاف. علي فواتير بنك وهاتف وكهرباء وماء بتسعة آلاف لم أدفعها, صاروا تسعة عشر ألفاً, زوجتي طلبت مني أن نشتري لها معطفاً قيمته ستة آلاف, فلم ألب طلبها, اجمع المبلغ تجد أنه 25 ألفاً. فجأة وقف عبد الله فريكة في الوسط وقال مستخدماً طريقة (نيوتن) حينما اكتشف قانون الجاذبية: على هذه الحسبة أنا غني وما عندي خبر. فأنا لا أشتري أي شيء مما يلزمنا, والأشياء التي تلزمني كلها غالية,والقلم بيجمع! |
|