|
نوفوستي تسمح العقيدة الروسية الجديدة عسكرياً، بتوجيه ضربة استباقية نووية، وهذا هو محتوى التعديلات التي تم إدخالها إلى وثيقة روسيا العسكرية مؤخراً. ومن المفيد الإشارة إلى أن روسيا تخلت عن الالتزام السوفييتي بعدم المبادرة إلى استخدام السلاح النووي، الذي كان يستبعد الضربة الاستباقية، وذلك بعد النزاع اليوغسلافي وفي المناورات العسكرية، روسيا والغرب عام 1999. إذ كان الهدف من تلك المناورات التدرب على كيفية التصرف في حال المواجهة مع حلف الناتو، لو حصل تطور في الحرب اليوغسلافية. وحسب نتائج المناورات تبين أن روسيا لن تتمكن من مواجهة عدوان غربي محتمل إلا باستخدام السلاح النووي، الأمر الذي تطلب اتخاذ إجراءات وتغييرات في نظرية استخدام الأسلحة التكتيكية، وفحص العتبة النووية، والتخلي عن الالتزام السوفييتي بعدم المبادرة باستخدام السلاح النووي! الخطوة تلك بدت وكأنها طبيعية في ظروف التفوق العددي والنوعي لقوات حلف الناتو، وبعد مرور عشر سنوات ظل الوضع كما كان عليه، ليظهر مجدداً في الوثيقة العسكرية الروسية الجديدة، التي أعلن عنها الرئيس ميدفيدف أوائل الشهر الجاري. وفيما يخص العقيدة العسكرية، يبين المعلق العسكري أنها منظومة الأحكام الخاصة بالإنتاج الحربي واستعداد البلاد للحرب وكيفية خوض تلك الحرب. والأحكام تلك ترجع إلى النظام السياسي ونظام الحكم وعملية التنمية التقنية والاقتصادية والتطورات التي يراها الخبراء العسكريون والسياسيون أو من يضعون العقيدة الجديدة!. فالعقيدة السوفييتية الأخيرة التي تم اعتمادها عام 1987 كان لها طابع دفاعي صريح، وبموجبها تخلى الاتحاد السوفييتي عن مفهوم العدو المحتمل والتزم بما أعلنه زعماؤه بعدم المبادرة بالقيام بأعمال حربية واستخدام السلاح النووي! أما بعد حالة انهيار الاتحاد السوفييتي، فإنه لا يجوز أن تتحمل روسيا الوراثة الشرعية لهكذا التزام وهي التي تبحث عن مكان ونفوذ عالميين الأمر الذي يتطلب منها إعداد عقيدة عسكرية جديدة! العقيدة المشار إليها بدأ التحضير لها منذ عام 1993 عندما أعلنت روسيا أنه ليس لديها أعداء محتملون والتزمت بعدم استخدام القوة العسكرية إلا بهدف الدفاع وتحولت الأسلحة النووية من وسيلة قتالية إلى أداة وقائية سياسية، وتم الأخد بمبدأ الاكتفاء العقلاني فيما يخص القدرات العسكرية، إذ يجب الحفاظ على مستوى يتناسب مع التهديدات القائمة، لكن التطورات اللاحقة للأحداث أدت إلى تعديل مجموعة من بنود العقيدة العسكرية تلك، وتم الإعلان أن الأسلحة النووية يمكن استخدامها لصد العدوان مع استخدام الأسلحة التقليدية وهكذا وصولاً إلى التعديلات الأخيرة، التي صنفت الحروب من حيث نطاقها الذي يشمل الحروب الواسعة النطاق والإقليمية والمحلية، والقسم الثاني هو الحروب غير المعلنة مثل النزاعات الدولية والمحلية ، وبشأنها أوضح أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف جواز استخدام الأسلحة النووية لصد العدوان سواء كان نووياً أم غير نووي وليس في الحروب الواسعة النطاق فحسب بل في الحروب الإقليمية والمحلية. أما عن المعايير التي يمكن العودة إليها عند إصدار الأمر باستخدام السلاح النووي فيرى المعلق العسكري بأنه يجب أن يتوافر شرط واحد فقط وهو نشوب نزاع يمثل تهديداً بالغ الخطورة للأمن القومي الروسي، وهذا ينطبق على الحرب الواسعة النطاق مع دول أجنبية عديدة ، أو النزاع الحدودي بين عدة دول متطورة عسكرياً، ومفيد الإشارة إلى أن تراجع القدرات العسكرية الروسية في فترة الانهيار السوفييتي أدى إلى زيادة عدد الدول التي قد تشكل النزاعات معها تهديداً خطيراً كذلك فإن الوضع العالمي غير مستقر ويحصل العديد من الدول على أسلحة دمار شامل، والسلاح النووي بشكل عام يتم تطويره وبات أكثر من وسيلة تهديد أو تخويف ليصبح سلاحاً حقيقياً قابلاً للاستخدام وأصبحت النظرية التي فرضتها الأسلحة النووية منذ أكثر من ستين عاماً بأن التخويف باستخدام السلاح النووي يؤدي حتماً إلى نهاية العالم، أصبحت من الماضي. |
|