|
شؤون سياسية وتبارى الوزراء «الإسرائيليون » في مهاجمة الرئيس الأمريكي والسياسة الأمريكية، وجاء الرد من قبل وزير داخلية الكيان الصهيوني بأن «القدس هي عاصمة الشعب اليهودي الأبدية» أما نجل رئيس وزراء العدو الأسبق مناحيم بيغن فقد وصف التغيير في الموقف الأمريكي بأنه «سيفضي إلى نتائج عكسية. وأنه مخالف لسياسة الإدارة الأمريكية السابقة» في حين أن ليبرمان المتطرف أعرب عن رفضه المطلق للتماشي مع المطلب الأمريكي القاضي بوقف الاستيطان واصفاً إياه بأنه غير معقول، وقبل هؤلاء جميعاً كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد حسم الموقف بتأكيده أن «القدس هي عاصمة إسرائيل » وأن البناء في القدس كالبناء في تل أبيب ، كل هذه المواقف تهدف إلى تفريغ فلسطين . وليس القدس وحدها من شعبها كضرورة تجاهلها الكثيرون وخاصة العرب، من ضرورات تحويل الكيان الصهيوني إلى «دولة يهودية» خالصة لمن يسمونهم الشعب اليهودي . وفي كل تصريح لمسؤول أمريكي يجب أن يكون على خلفية تأكيد هذا المسؤول أو ذاك على تكرار الموقف الأمريكي الملتزم بأمن «إسرائيل» والحفاظ على وجودها دولة قوية ومتفوقة على كل جيرانها. وهذه مسؤولية أمريكية بامتياز . وإلى متى ستبقى السيدة هيلاري كلينتون تهدد وتوبخ وتهاجم القادة العرب في حال تم التلويح باحتمال سحب المبادرة العربية للسلام، التي أعلنها القادة العرب في بيروت عام 2002 ولم تعترف بها «إسرائيل»؟ لقد طالبت الوزيرة الأمريكية العرب بعدم التهديد بسحب هذه المبادرة وقالت: «من مصلحتهم «العرب» المضي قدماً في مبادرة السلام العربية مع أفعال وليس فقط خطابات». إلى متى ستبقى الإدارة الأمريكية تصدر التوجيهات، التي تتجاوز العتب واللوم إلى التأنيب، لدول العربية، والتعبير المعلن عن التشكيك بصدقية التزاماتها في شأن «السلام» ، وبمضمون المبادرة، مع أن التزام المبادرين بـ المبادرة لاغبار عليه . منذ قمة بيروت عام 2002 ، بل منذ مؤتمر مدريد عام 1991 لم يترك العرب شيئاً إلا وقدموه، وكان العدو الصهيوني برعاية أمريكية يقضم التنازلات ويهضمها، ويطلب المزيد. مطلوب من العرب أن يقوموا بأفعال وليس مجرد أقوال، والأفعال في نظم الإدارة الأمريكية وقادة العدو هي قبول ما تريده إسرائيل التي ما فتئت تؤكد أن السلام ليس خيارها، المواقف الأمريكية أضحت مؤكدة ومفضوحة وخلفياتها كثيرة، بعضها يخص الكيان وعلاقتها معه، والبعض الآخر يخص علاقاتها بالدول العربية . لقد تناوبت الإدارات الأمريكية من عهد بوش الأب إلى كلينتون ثم بوش الابن والآن باراك أوباما، على ممارسة الضغوط على الدول العربية، ومعها وعبرها على الفلسطينيين، للانضباط في «الإطار المحدد» ومع كل انضباط عربي كان هناك فلتان إسرائيلي تجاه موالة الإرهاب المنظم واستراتيجية المحارق على مرأى من العالم كله. ما الذي فعلته واشنطن في مقابل كل ذلك، في هذا العهد وفي العهد الذي سبقه؟ العنوان الأساس التزام كلي بحماية الاحتلال وإرهابه ، ومده بأسلحة القتل والتدمير والتهجير، وفي المقابل الضغط المتواصل على البلدان العربية وابتزازها وتدمير قدرات العرب كافة، وتشتيتهم وتقسيمهم بين معتدلين وأشرار، واستغلال كل ذلك لفرض هيمنة غير مسبوقة على المنطقة ، وإطلاق الوعود التي تنتهي بإنتهاء ولاية الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لتبقى مجرد وعود كلامية. حالة الإدمان هذه إلى متى؟ هيلاري نفسها تقول: إن إدارتها لن تفرض حلاً في المنطقة، ما معنى هذا الكلام؟ يعني أن الإدارة الأمريكية الحالية ليس لديها ما تقدمه للعرب، من ضغط مطلوب على حليفها وشريكها «الكيان الصهيوني المحتل» لكنها بالمقابل وفي نفس الوقت توجه التأنيب لدول العربية، وتضغط عليها وتقف عند حائط اللاءات الصهيونية تنحني أمامه وتدافع عنه، وتتراجع عن أي زلة لسان ترتكبها بحقه . إدارة أوباما تتحدث عن إحباط، وعن افتقاد النية لممارسة ضغوط، وعن أنها لن تعمل لفرض حل، ما الذي ينتظر منها المنتظرون بعد؟ وعلى ماذا يراهن المراهنون بعد؟ بنيامين نتنياهو يلوح ويهدد بـ« سيف داؤود» في وجه الفلسطينيين والعرب وإيران وفنزويلا وربما بوليفيا . هيلاري تهنئه بنكبتنا وتكرر للمرة المليون «أمن إسرائيل» خط أحمر، ومستقبلها أيضاً، كل ذلك بعد أيام من نظرة بعينين حمراوين للعرب كفى تلويحاً بسحب المبادرة العربية. الآن تطفو على السطح المخططات وأوامر الترحيل الجماعي للفلسطينين «المتسللين» في وطنهم بمعيار شخصي كأفيفدور ليبرمان القادم من روسيا ولم يكد يتعلم اللغة العبرية بعد . التسوية السلمية على الرف، وليست على الطاولة، ولاشيء على الطاولة سوى الاستيطان والتهويد وممارسة الإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين ، وإعداد آليات تنفيذ مخططات التهجير من داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ومن الضفة ، وتشديد الحصار على قطاع غزة والتهديد بمحارق جديدة خارج فلسطين، وتحديداً ضد لبنان وسورية وواشنطن ترعى وتحمي وتغازل الصهاينة فوق جراحات النكبة، نكبة العرب جميعاً ، وفي الوقت نفسه تؤنب العرب وتبتزهم لاستدراج تنازلات جديدة لمصلحة الغاصب المحتل. فهل من وقفة تضع حداً لما يجري ؟! |
|