تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكذوبة «سكود»..!الاستهدافات ومخاطر التبني الأميركي

شؤون سياسية
الأحد 9-5-2010م
بقلم: محمد خير الجمالي

يخرج الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز على العالم بأكذوبة جديدة مما اعتادت «إسرائيل» على فبركته, فحواها أن سورية زودت المقاومة اللبنانية بصواريخ سكود,

وتبعه وزير الحرب ايهود باراك بترديدها, لتلتقط الإدارة الأميركية الإشارة فتقوم بدورها في تبنيها دون أن تتحقق منها ليصل الأمر بها إلى الزعم أن هذه الصواريخ ستعرّض لبنان إلى خطر كبير, ثم يوسع وزير الحرب الأميركي روبرت غيتس والإسرائيلي ايهود باراك دائرة الأكذوبة بالقول في مؤتمر صحفي مشترك في واشنطن قبل أيام قليلة ((إن إيران وسورية تزودان حزب الله بأسلحة وقذائف متطورة وإن هذا الأمر يهدد استقرار المنطقة)) ثم يأتي الدور لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فتحذر من أن إمداد حزب الله بهذه الأسلحة قد يؤدي إلى ما سمته بحرب إقليمية..! ثم يعود بيريز إلى تجديد أكذوبته على طريقة النازي غوبلز ((اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون))..!وكأننا بهذه الاكذوبة امام معزوفة, المايسترو فيها اسرائيلي والجوقة أركان الادارة الأميركية..!‏

وأكثر ما ينطبق على هذه الأكذوبة والتعاطي الأميركي معها هو تعبير ((الصوت والصدى)) إذ الصوت يصدر عن إسرائيل فيما صداه يتردد على ألسنة العديد من المسؤولين الأميركيين وعلى النحو الذي عبر عنه السناتور الأميركي دان بيرتون بالقول ((إن الموساد قال إن صواريخ سكود نقلت من سورية إلى حزب الله, وأنا على ثقة كبيرة في كلامه)) ما يعني أن المسؤولين الأميركيين يثقون بكلام إسرائيل ومسؤوليها وأجهزتها حتى وإن كان ينضح بأكاذيب ملفقة ويرفضون تصديق أي رأي يقطع بدحضها ونفيها حتى وإن كان رأي الخبراء العسكريين الذين أثبتوا بالدليل التقني القاطع أن ((صاروخ سكود كبير جداً لإطار وأسلوب عمليات المقاومة التي تعتمد على السرعة في الحركة والسهولة في الاختفاء)) ما يؤكد أن التهمة ملفقة من أولها إلى آخرها, وأنه جرى إطلاقها الآن وتضخيمها ودخول أميركا على خطها والمبالغة فيها لتحقيق جملة أهداف عسكرية وسياسية تتصل بالإخفاق الاستراتيجي الإسرائيلي منذ حرب تموز وحتى الآن, وبالإخفاق السياسي الأميركي في الشرق الأوسط بعد انقضاء أكثر من عام على إدارة أوباما ووعودها, وأبرز هذه الأهداف:‏

1- التحضير لعدوان إسرائيلي محتمل على المنطقة توفر حكومة نتنياهو ذرائعه بالقول إن إمداد حزب الله بالصواريخ والقذائف المتطورة يخل بتوازن القوى, وتريد منه استراتيجياً أن يكون محاولة جديدة لاستعادة قدرتها المفقودة على الردع بعد هزيمتها في حرب تموز وفشل حربها على غزة, ولا يغير من هذا الاحتمال قول نتنياهو إن إسرائيل لا تنوي مهاجمة سورية, ولا قول باراك إنها لا تنوي الدخول في صدام كبير مع لبنان وسورية, لأن تجارب الصراع أثبتت أن إسرائيل تمارس التضليل والخداع والمناورة والكذب في كل حرب تحضر لها, ما يستدعي من العرب والمقاومة وإيران أخذ العدوان الإسرائيلي المحتمل على محمل الجد وإعداد العدة لمواجهة احتمالاته وإجهاض أهدافه.‏

2- استخدام أكذوبة صواريخ سكود أداة ضغط على سورية لابتزازها في العراق ووسيلة لفصم عرا علاقتها الاستراتيجية مع إيران ووقف دعمها للمقاومة والتشويش على نجاحها في كشف السياسة الإسرائيلية المعادية للسلام وجهوده.‏

فأميركا لا تريد أن يكون لسورية دورها الفاعل في العراق, لأن مثل هذا الدور المبني على السعي لضمان وحدة العراق وهويته العربية وإنجاح المصالحة السياسية فيه, من شأنه أن يعيد العراق إلى محيطه العربي ويمكنه من استعادة دوره القومي والانضمام إلى جبهة المقاومة والممانعة بعد خروج المحتل منه, وهو ما لا ترضاه أميركا، وكانت الحرب على العراق بتحريض إسرائيلي لمنع أي احتمال يمكن تحول العراق فيه الى عمق استراتيجي لقوى المواجهة, الأمر الذي يكشف عن أن أحد أهداف تبني أميركا لأكذوبة الصواريخ هو ثني سورية عن مواصلة دورها الإيجابي في العراق، وقد غدا محط توافق مختلف القوى الوطنية والقومية ومكونات الشعب العراقي.‏

وبخصوص استهداف الأكذوبة للعلاقة السورية – الايرانية, فهذا يتضح من التركيز الدائم للطرفين الإسرائيلي والأميركي على فصم هذه العلاقة, تارة بالترهيب واتهامها بأنه تقارب يزعزع استقرار المنطقة, وتارة بالترغيب على خلفية ربط السلام بالتباعد بين سورية وايران, ودافع أميركا وإسرائيل لتفكيك هذه العلاقة هو أنها علاقة مبنية على ربط استقرار المنطقة بوقف التدخل الأجنبي فيها, وإقامة أفضل العلاقات بين دولها وشعوبها ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومشاريع السيطرة الخارجية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية