تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لم يكن نتنياهو قائداً حقيقياً ولن يكون!!

ترجمة
الأحد 9-5-2010م
ترجمة ليندا سكوتي

«عزيزي رئيس الحكومة، لقد عرفتكم عن كثب على مدى أربعة عشر عاماً، كنت خلالها أزداد ثقة وإعجاباً بكل ما تقدمون عليه من أعمال جسام،

إلا أن ما شاهدته من أحداث في هذا العام، أثار في نفسي الكثير من الاستياء إزاء أسلوب معالجتكم لها، وأعلم أن الوقت قد أوشك على النفاد منكم، وقد تكون أمامكم فرصتكم الأخيرة للتعاطي معها، لذلك يتعين عليكم وضع حد ونهاية للاحتلال القائم» هذا ما كتبه آري شافيت في رسالته المفتوحة التي وجهها لبنيامين نتنياهو ، ونشرت في ملحق صحيفة هآرتس. لا أعلم ماذا يتوقع زميلي من بيبي الذي كان على مقربة منه خلال أربعة عشر عاما وقف بها إلى جانبه يدعمه ويثني عليه في الأعمدة التي يحررها دون أن يأبه بما يتلقاه من توجيهات للقائمين على الصحيفة .‏

بالنسبة لي فإني اعرف نتنياهو منذ أكثر من أربعة عشرعاماً، عندما لبيت دعوته مع عدد من الصحفيين للغداء في أحد المطاعم، لكنه أغفل دفع فاتورة الحساب. كما أعرفه عندما كان سفيراً لإسرائيل في الأمم المتحدة، ويتطلع للعودة إلى «إسرائيل» واستلام موقع مهم في قيادة الليكود، وقد استشارني آنذاك باعتباري أحد المراسلين السياسيين في نيويورك عن أنسب الأوقات للعودة إلى البلاد والعمل مع قادة الليكود، حيث بدا لي في حينها أنه يطمح إلى خلافة اسحاق شامير كرئيس للحكومة .‏

وباعتباره استراتيجياً سياسياً، فقد اختار نتنياهو الوقت المناسب للعودة لإشغال منصب نائب وزير الخارجية، ومن ثم نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة اسحاق شامير، ولم يمض عليه وقت طويل حتى تمكن من إلحاق الهزيمة بشمعون بيريز في انتخابات عام 1996 التي وضع شعاراً لها عبارة «السلام الآمن» جراء ما كان يحدث من هجمات كثيرة للمسلحين في ذلك الحين.‏

وفي هذا السياق، لم تغب عن مخيلتي وليمة الغداء في فندق شيراتون، حيث طلب مني خلالها أن أطلعه على ما أكتبه بشأنه تحسباً من أن يكون فيها بعض الملاحظات التي تؤثر على التصويت له من قبل الليكوديين، وقد قدم لي وعداً عندما قال: « إذا ما انتخبت فإني سأجعل جريدة هآرتس تعتز بك» لكني لم أقف على تنفيذ أي شيء مما قاله. أما بالنسبة لما دأب على ترديده من شعار «السلام الآمن» فلم يكن سوى اجترار للكلمات كما تفعل الماشية بعلفها. ويخطرني في هذا المجال أقوال الزعيم الروحي لحزب شاس الحاخام عوفاديا يوسف عندما وصف نتنياهو «بالعنزة العمياء».‏

لسنا بصدد استعراض تصرفات نتنياهو إبان ولايته الأولى كرئيس الحكومة التي عبرت عن فشله كقائد، وأدت إلى وصف المراقبين له أن لديه نزعة لإثارة القلاقل. وبما اكتنفه من هواجس إزاء احتمال قيام الولايات المتحدة التي يرأسها جورج بوش الأب من شن هجوم ثان على العراق، حيث أوعز حينها بتبديل كل الأقنعة الموزعة على الإسرائيليين بشكل عام. أو للانتخابات اللاحقة التي تعرض فيها للهزيمة أمام خصمه أيهود باراك، إذ ما إن علم بالنتيجة حتى بدا عليه الاضطراب ما جعله يطفئ سيجارته الكوبية الكبيرة في صحن الطعام الذي أمامه ثم ما لبث أن تقدم باستقالته من الكنيست، ومغادرة البلاد حيث قال عنه حتى المقربين منه إنه ترك البلاد تعج بالإشكالات على الصعيدين الداخلي والخارجي .‏

لكن قد يتساءل البعض لماذا أعود إلى أحداث مضت؟ فأقول لهم: إن هدفي هو أن يعلم الجميع أن سياسيين من أمثال نتنياهو لا يتغيرون، حيث لم نقف على أي تغيير في توجهاته على غرار ما حصل مع شارون عندما تخلى عن أحلامه بإقامة «إسرائيل الكبرى».‏

لقد تبين بعد سنة من توليه السلطة للمرة الثانية أنه قائد لا يمتلك أي أجندة، وليس له من هدف سوى التمسك بالسلطة،وهو يخشى الذهاب إلى أقصى اليمين المتطرف تحسبا من إساءة العلاقات مع واشنطن، ولم يحقق أي شيء مما قاله بخطابه الذي ألقاه في جامعة بار إلان حول دولتين لشعبين، ولم يكترث بالبيانات الإحصائية المنشورة في الأسبوع الماضي التي تبين أن عدد العرب في إسرائيل يشكلون ربع السكان وأنه بعد مضي جيل أو جيلين سندفع ثمناً باهظاً لأننا لم ننتهز الفرصة المقدمة من قائد أمريكي قوي يرغب ببناء شرق أوسط يعمه السلام .‏

مازال بيبي يعتقد بإمكانية الضغط على الرؤساء الأمريكيين عبر المنظمات اليهودية والكونغرس، لذلك نجده يدعو رون لودر وإيلي ويسل وعدداً من المتطوعين للضغط على الرئيس الأمريكي لاستخدام وسائل الإعلام والتجمعات العامة، وعمد إلى القيام بحملة على الإدارة الأمريكية عبر اللقاءات التي أجرتها معه شبكات التلفزة الأمريكية مؤكداً بها أنه لن يجمد البناء في القدس الشرقية.‏

لا ريب أن بيبي يخدع نفسه عندما يتأمل بعدم انتخاب أوباما مرة ثانية. لكن حتى لو سلمنا بتلك المقولة، فقد بقيت ثلاث سنوات من ولاية الرئيس حيث يستطيع خلالها فرض عقوبات شديدة على «إسرائيل» تشكل خطورة عليها تفوق ما يمثله الخطر الإيراني، لكنه يبدو بأن نتنياهو لم يستوعب ما ترمي إليه الولايات المتحدة من رغبة في تغيير تركيبة الائتلاف الحكومي في إسرائيل، بحيث يحل كاديما محل إسرائيل بيتنا وشاس، ما يجعل لديه قدرة على التحرك بشكل مناسب. لذلك أرى أنه لا جدوى مما كتبه زميلي في رسالته الحماسية التي طالب بها نتنياهو بإظهار مدى قدراته القيادية، ويدهشني عدم معرفته أن نتنياهو شخص غير صالح للقيادة، وأنه لم يكن قائداً مناسباً لا في ولايته الأولى ولا في الوقت الحاضر أو حتى في المستقبل.‏

 بقلم: يوئيل ماركوس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية