تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ندوة... الوراثة و الحرمان التربوي من عوامل الإعاقة الذهنية عند الأطفال ...د. الحاج: نسبته عند الذكور 55٪ وعند الإناث45٪

مجتمع
الأحد 9-5-2010م
متابعة: منال السماك

لم تعد قضية الاعاقة مشكلة طبية و حسب، فالنظرة قد تغيرت وباتت أكثر شمولية و انسانية، لأن المعوق لا يعاني جسدياً فقط، بل يتعدى ذلك إلى المعاناة التربوية والاجتماعية و النفسية،

وانطلاقاً من ذلك، فقد خرجت هذه القضية من نطاق الفردية لتصبح قضية مجتمع بأسره، لأن هذه الفئة جزء لايتجرأ منه لها حقوق وعليها واجبات. وعند الحديث في موضوع الاعاقة يجد الباحث فيه أنه واسع جداً ومتشعب، خاصة لدى معرفة أن عدد أنواع الاعاقة وصل إلى 200 نوع، والاعاقة الذهنية واحدة منها، والتي تتطلب الكثير من الوعي و الدراية للكشف عنها وتدبيرها وعلاجها.‏

هذا ما حاولت الجمعية الوطنية للتوعية الاجتماعية تسليط الضوء عليه، من خلال الندوة التي أقامتها في مكتبة الأسد بالتعاون مع هيئة الأولمبياد الخاص بالمعوقين، و بمشاركة كل من الدكتور طريف بكداش- أمين عام المجلس المركزي لشؤون المعوقين، و الدكتور فايز الحاج أستاذ الصحة النفسية في جامعة دمشق- عضو مجلس العالم الاسلامي للاعاقة و التأهيل.‏

المرأة تعاني أكثر من الرجل‏

بداية أشار د. بكداش إلى التعريف الجديد للاعاقة حسبما ذكرته منظمة الصحة العالمية، و هو وجود اضطراب فيزيولوجي أو تشريحي لأحد أعضاء الجسد، بحيث تؤدي الاصابة إلى اضطراب في تأدية الفعاليات المعتادة أو المشاركة في الحياة الاجتماعية و الشخصية لمدة قد تصل إلى ستة أشهر أو بشكل متقطع، ضمن العوامل البيئية المحيطة بالشخص ذي الاعاقة.‏

ويرى د. بكداش أنه للتعريف الجديد أهمية كبيرة، وذلك لأنه نقلنا من المفهوم الطبي القديم الذي ينظر للاعاقة حسب نوعها،كالاعاقة الحركية والسمعية و البصرية والذهنية، إلى الأخذ بعين الاعتبار العوامل البيئية التي فيما إذا توفرت للشخص المعوق بشكل يتناسب مع اعاقته، فلن يشعر بهذه الاعاقة، فالعوامل البيئية أصبحت ضمن الاطار الاساسي الذي ينبغي التفكير به لوضع الحلول الملائمة.‏

ولدينا أيضاً ما يسمى بالفعاليات التي يمكن أن يؤديها هذا الشخص المعوق، إن كان يستطيع التحرك أو المشي أو القيادة أو أداء بعض الأعمال ضمن اطار المشاركة المجتمعية،كالذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أو المسرح أو السينما، و أن يكون قادراً على المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية.‏

فإذا كانت اعاقته تمنعه من هذه المشاركة، فعلى المجتمع تقديم المساعدة و الدعم حتى ينخرط في الحياة بشكل أقرب ما يكون إلى التكامل و الحياة الطبيعية، ويضاف إلى هذه العوامل، العامل الشخصي، الذي يميز شخصاً عن غيره، فتوفر الارادة و الدافع و الطاقة لدى شخص معوق، تجعله يتغلب على اعاقته ويتجاوزها، وكذلك عامل الجنس، فالمرأة التي لديها اعاقة في كل دول العالم تعاني أكثر من الرجل، فإن كانت الفئة المعوقة اكثر فئات المجتمع فقراً، فالمرأة المعوقة اكثرهم فقراً، فإعاقتها تجعلها تعيش وضعاً صعباً بسبب نظرة المجتمع وعدم تقبلها في الحياة الاجتماعية .‏

على ألا ننسى العوامل الاجتماعية المحيطة بالمعوق، فعندما يحاط بأسرة متفهمة تمنحه الحب و الرعاية من الناحية الصحية و النفسية يتغلب على اعاقته، كما توفر له الظروف المناسبة للعلاج و الحياة الكريمة ما يمنحه الدعم.‏

الوقاية خير من العلاج..‏

وبرأي د. بكداش أن الوقاية خير من العلاج، لذلك لا بد من التوعية بمخاطر زواج الأقارب، والتنبيه لبعض الأمراض العائلية الوراثية، واجراء فحوصات ما قبل الزواج و التهيئة للحمل قبل حدوثه، والولادة على أيد خبيرة لتفادي حدوث نقص الأكسجة، وضرورة فحص الوليد فور الولادة، و متابعة حرارة الطفل وتغذيته و الحرص على اللقاحات، والوقاية من الحوادث و الرضوض وبعض الأمراض.‏

وعندما يطرح موضوع الاعاقة الذهنية عند الأطفال، قد يتساءل البعض عن مدى أو نسبة تواجد هذه الاعاقة، وما الوسائل التربوية أو العلاجية لهؤلاء الأطفال؟‏

فروق فردية في القدرات العقلية‏

تلك التساؤلات أجاب عنهاد. الحاج، لافتا بداية الى التعريف الذي تبنته الجمعية الأمريكية للضعف العقلي، على أنه حالة تنمية لمستوى عقلي وظيفي دون المتوسط،تبدأ أثناء فترة النمو، ويصاحبها قصور في السلوك التكيفي، وتبلغ نسبة ضعاف العقول 3٪ من الأفراد، ونسبة التخلف العقلي عند الذكور 55٪ ونسبته عند الاناث 45٪.‏

وقد بدأت التربية العلاجية للأطفال المعوقين عقلياً منذ حوالي قرن من الزمن على يد العالم ايتار الذي غير نظرة العالم للاعاقة الذهنية، وسلط الضوء على أن السبب قد يكون ناجماً عن الوراثة أو الحرمان التربوي المبكر، أو عن كليهما معاً، ماهيأ لايجاد البرامج التربوية العلاجية لهذه الفئة.‏

فالفروق الفردية بين الأطفال تتعدى الطول واللون و الشعر إلى الفروق في القدرات العقلية، ولابد من قياس هذه القدرات لمعرفة الأطفال الذين يستطيعون الدراسة، و من لا يستطيعون.‏

ويشير د. الحاج الى أن اضعاف العقول ليسوا كلهم على درجة واحدة، فالتأخر العقلي البسيط من 50 إلى 75 والمتوسط من 50-30 و الشديد 30 فما دون، وهذا التقسيم التربوي يتبعه برامج تربوية ينبغي أن تعطى للطفل من أجل التربية العلاجية.‏

لذلك فالمرشد النفسي أو المعالج، ينبغي أن تكون لديه أدواته التي تساعده فهناك الكثير من المؤهلين الذين يتوفر لديهم الحافز للعمل مع هؤلاء الأطفال و لكنهم يفتقرون لهذه الأدوات و هي مهمة للتشخيص والعلاج.‏

حقائق مؤلمة!!‏

وذكر د. الحاج بعض الحقائق فيما يتصل بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة على المستوى الدولي و هي مؤلمة.. حيث وجد أن اكثر من 80٪ من هؤلاء الأطفال ينتمون إلى الدول النامية، و2٪ فقط من هؤلاء يتلقون خدمات التربية العلاجية، و اخفاق ملايين الأطفال في الدول المختلفة إما بسبب تزويدهم ببرامج غير فعالة، أو لعدم تزويدهم بأي برامج، وبخصوص ما صدر عن اليونسكو بقرار أن المدرسة للجميع، لا تعني إلغاء التربية الخاصة، وانما تركز على معاهد التربية الخاصة التقليدية للاعاقات الشديدة، وستصبح التربية الخاصة جزءاً من التعليم العام، ولكن هذا لا يعني أن أي طفل مهما كانت حالته يصلح لعملية الدمج.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية